يَا مُعَاوِيَةُ مَا ظَنُّكَ بِالْقَوْمِ إِنْ مَنَعُوكَ الْمَاءَ الْيَوْمَ كَمَا مَنَعْتَهُمْ أَمْسِ أَ تَرَاكَ تُضَارِبُهُمْ عَلَيْهِ[1] كَمَا ضَارَبُوكَ عَلَيْهِ وَ مَا أَغْنَى عَنْكَ أَنْ تَكْشِفَ لَهُمُ السَّوْأَةَ؟ قَالَ: دَعْ عَنْكَ مَا مَضَى مِنْهُ مَا ظَنُّكَ بِعَلِيٍّ؟ قَالَ: ظَنِّي أَنَّهُ لَا يَسْتَحِلُّ مِنْكَ مَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْهُ وَ أَنَّ الَّذِي جَاءَ لَهُ غَيْرُ الْمَاءِ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ قَوْلًا أَغْضَبَهُ فَأَنْشَأَ عَمْرٌو يَقُولُ
أَمَرْتُكَ أَمْراً فَسَخَّفْتَهُ
وَ خَالَفَنِي ابْنُ أَبِي سَرْحَهْ[2]
فَأَغْمَضْتُ فِي الرَّأْيِ إِغْمَاضَةً
وَ لَمْ تَرَ فِي الْحَرْبِ كَالْفُسْحَهْ
فَكَيْفَ رَأَيْتَ كِبَاشَ الْعِرَاقِ
أَ لَمْ يَنْطِحُوا جَمْعَنَا نَطْحَهْ
أَظُنُّ لَهَا الْيَوْمَ مَا بَعْدَهَا
وَ مِيعَادُ مَا بَيْنَنَا صُبْحَهْ
فَإِنْ يَنْطِحُونَا غَداً مِثْلَهَا
نَكُنْ[3] كَالزُّبَيْرِيِّ أَوْ طَلْحَهْ
وَ إِنْ أَخَّرُوهَا لِمَا بَعْدَهَا
فَقَدْ قَدَّمُوا الْخَبْطَ وَ النَّفْحَهْ[4]
وَ قَدْ شَرِبَ الْقَوْمُ مَاءَ الْفُرَاتِ
وَ قَلَّدَكَ الْأَشْتَرُ الْفُضْحَهْ.
قَالَ: وَ مَكَثَ عَلِيٌّ يَوْمَيْنِ لَا يُرْسِلُ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ لَا يَأْتِيهِ مِنْ قِبَلِ مُعَاوِيَةَ أَحَدٌ وَ جَاءَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَدَخَلَ عَلَى عَلِيٍّ فِي عَسْكَرِهِ فَقَالَ: أَنْتَ قَاتِلُ الْهُرْمُزَانِ وَ قَدْ كَانَ أَبُوكَ فَرَضَ لَهُ فِي الدِّيوَانِ وَ أَدْخَلَهُ فِي الْإِسْلَامِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَكَ تَطْلُبُنِي بِدَمِ الْهُرْمُزَانِ وَ أَطْلُبُكَ بِدَمِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: لَا عَلَيْكَ سَيَجْمَعُنِي وَ إِيَّاكَ الْحَرْبُ غَداً ثُمَّ مَكَثَ عَلِيٌّ يَوْمَيْنِ لَا يُرْسِلُ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَ لَا يُرْسِلُ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ[5]
[1] في الأصل:« ضاربهم عليه» صوابه من ح( 1: 331).
[2] يريد به عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح. و قد تصرف في الاسم للشعر. انظر ما سبق في ص 161.
[3] ح:« فكن».
[4] الخبط: الضرب الشديد. و النفحة: الدفعة من العذاب. ح:« الخيط» تحريف.
[5] انظر أول هذا الكلام.