وَ الضَّعِيفَ وَ مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ هَذَا وَ اللَّهِ أَوَّلُ الْجَوْرِ لَقَدْ شَجَّعْتَ الْجَبَانَ وَ بَصَّرْتَ الْمُرْتَابَ وَ حَمَلْتَ مَنْ لَا يُرِيدُ قِتَالَكَ عَلَى كَتِفَيْكَ فَأَغْلَظَ لَهُ مُعَاوِيَةُ وَ قَالَ لِعَمْرٍو اكْفِنِي صَدِيقَكَ فَأَتَاهُ عَمْرٌو فَأَغْلَظَ فَقَالَ الْهَمْدَانِيُّ فِي ذَلِكَ-
لَعَمْرُ أَبِي مُعَاوِيَةُ بْنُ حَرْبٍ
وَ عَمْرٌو مَا لِدَائِهِمَا دَوَاءٌ
سِوَى طَعْنٍ يَحَارُ الْعَقْلُ فِيهِ
وَ ضَرْبٍ حِينَ يَخْتَلِطُ الدِّمَاءُ
فَلَسْتُ بِتَابِعٍ دِينَ ابْنِ هِنْدٍ
طِوَالَ الدَّهْرِ مَا أَرْسَى حِرَاءُ
لَقَدْ ذَهَبَ الْعِتَابُ فَلَا عِتَابٌ
وَ قَدْ ذَهَبَ الْوَلَاءُ فَلَا وَلَاءُ
وَ قَوْلِي فِي حَوَادِثِ كُلِّ أَمْرِي[1]
عَلَى عَمْرٍو وَ صَاحِبِهِ الْعَفَاءُ
أَلَا لِلَّهِ دَرُّكَ يَا ابْنَ هِنْدٍ
لَقَدْ بَرِحَ الْخَفَاءُ فَلَا خَفَاءُ[2]
أَ تَحْمُونَ الْفُرَاتَ عَلَى رِجَالٍ
وَ فِي أَيْدِيهِمُ الْأَسَلُ الظَّمَاءُ
وَ فِي الْأَعْنَاقِ أَسْيَافٌ حِدَادٌ
كَأَنَّ الْقَوْمَ عِنْدَهُمُ نِسَاءٌ[3]
فَتَرْجُو أَنْ يُجَاوِرَكُمْ عَلِيٌ
بِلَا مَاءٍ وَ لِلْأَحْزَابِ مَاءٌ
دَعَاهُمْ دَعْوَةً فَأَجَابَ قَوْمٌ
كَجُرْبِ الْإِبِلِ خَالَطَهَا الْهِنَاءُ.
قَالَ ثُمَّ سَارَ الْهَمْدَانِيُّ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ فَلَحِقَ بِعَلِيٍّ قَالَ وَ مَكَثَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ يَوْماً وَ لَيْلَةً بِغَيْرِ مَاءٍ وَ اغْتَمَّ عَلِيٌّ بِمَا فِيهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ.
. نَصْرٌ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ الْجُرْجَانِيِّ قَالَ: خَرَجَ عَلِيٌّ لَمَّا اغْتَمَّ بِمَا فِيهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنَ الْعَطَشِ قِبَلَ رَايَاتِ مَذْحِجَ وَ إِذَا رَجُلٌ يُنَادِي
أَ يَمْنَعُنَا الْقَوْمُ مَاءَ الْفُرَاتِ
وَ فِينَا الرِّمَاحُ وَ فِينَا الْحَجَفُ[4]
[1] ح: «كل خطب».
[2] يقال برح الخفاء بكسر الراء و فتحها: أى ظهر ما كان خافيا و انكشف. و في الأصل: «ذهب الحياء فلا حياء»، و أثبت ما في ح.
[3] في الأصل: «عندكم»، و الصواب ما أثبت من ح.
[4] الحجف: جمع حجفة، و هي الترس من جلود الإبل يطارق بعضها ببعض. و انظر مقاييس اللغة (حجف).