فَأَجَابُوا فَسِرْتُ بِهِمْ حَتَّى نَزَلْتُ بِظَهْرِ الْبَصْرَةِ فَأَعْذَرْتُ فِي الدُّعَاءِ وَ أَقَلْتُ الْعَثْرَةَ وَ نَاشَدْتُهُمْ عَقْدَ بَيْعَتِهِمْ[1] فَأَبَوْا إِلَّا قِتَالِي فَاسْتَعَنْتُ بِاللَّهِ عَلَيْهِمْ فَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ وَ وَلَّوْا مُدْبِرِينَ إِلَى مِصْرِكُمْ فَسَأَلُونِي مَا كُنْتُ دَعَوْتُهُمْ إِلَيْهِ قَبْلَ اللِّقَاءِ فَقَبِلْتُ الْعَافِيَةَ وَ رَفَعْتُ السَّيْفَ وَ اسْتَعْمَلْتُ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَ سِرْتُ إِلَى الْكُوفَةِ وَ قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ زَحْرَ[2] بْنَ قَيْسٍ فَاسْأَلْ[3] عَمَّا بَدَا لَكَ.
قَالَ: فَلَمَّا قَرَأَ جَرِيرٌ الْكِتَابَ قَامَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا كِتَابُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ هُوَ الْمَأْمُونُ عَلَى الدِينِ وَ الدُّنْيَا وَ قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَ أَمْرِ عَدُوِّهِ مَا نَحْمَدُ اللَّهَ عَلَيْهِ وَ قَدْ بَايَعَهُ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ[4] مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ التَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ وَ لَوْ جُعِلَ هَذَا الْأَمْرُ شُورَى بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ كَانَ أَحَقَّهُمْ بِهَا أَلَا وَ إِنَّ الْبَقَاءَ فِي الْجَمَاعَةِ وَ الْفَنَاءَ فِي الْفُرْقَةِ وَ عَلِيٌ[5] حَامِلُكُمْ عَلَى الْحَقِّ مَا اسْتَقَمْتُمْ فَإِنْ مِلْتُمْ أَقَامَ مَيْلَكُمْ.
فَقَالَ النَّاسُ سَمْعاً وَ طَاعَةً رَضِينَا رَضِينَا فَأَجَابَ جَرِيرٌ وَ كَتَبَ جَوَابَ كِتَابِهِ بِالطَّاعَةِ وَ كَانَ مَعَ عَلِيٍّ رَجُلٌ مِنْ طَيْئٍ ابْنُ أُخْتٍ لِجَرِيرٍ فَحَمَّلَ زَحْرَ بْنَ قَيْسٍ شِعْراً لَهُ إِلَى خَالِهِ جَرِيرٍ وَ هُوَ
جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَا تَرْدُدِ الْهُدَى
وَ بَايِعْ عَلِيّاً إِنَّنِي لَكَ نَاصِحٌ
فَإِنَّ عَلِيّاً خَيْرُ مَنْ وَطِئَ الْحَصَى
سِوَى أَحْمَدَ وَ الْمَوْتُ غَادٍ وَ رَائِحٌ
[1] ح: «عهد بيعتهم».
[2] في الأصل و ح: «زجر» بالجيم، محرفة.
[3] في ح: «فلسأله»، و في الإمامة و السياسة (1: 78): «فاسأله عنا و عنهم».
[4] ح: «الناس الأولون».
[5] ح: «و إن عليا».