مُسْتَحْقِبِينَ حَلَقَ الدِّلَاصِ
قَدْ جَنَّبُوا الْخَيْلَ مَعَ الْقِلَاصِ[1]
أَسْوَدَ غِيلٍ حِينَ لَا مَنَاصَ
»[2] قَالَ وَ كَتَبَ عَلِيٌّ إِلَى مُعَاوِيَةَ:
«
أَصْبَحْتَ مِنِّي يَا ابْنَ حَرْبٍ جَاهِلًا
إِنْ لَمْ نُرَامِ مِنْكُمُ الْكَوَاهِلَا
بِالْحَقِّ وَ الْحَقُّ يُزِيلُ الْبَاطِلَا
هَذَا لَكَ الْعَامَ وَ عَامَ قَابِلًا
».
قَالَ وَ بَلَغَ أَهْلَ الْعِرَاقِ مَسِيرُ مُعَاوِيَةَ إِلَى صِفِّينَ وَ نَشِطُوا وَ جَدُّوا غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ شَيْءٌ عِنْدَ عَزْلِ عَلِيٍّ إِيَّاهُ عَنِ الرِّئَاسَةِ وَ ذَلِكَ أَنَّ رِئَاسَةَ كِنْدَةَ وَ رَبِيعَةَ كَانَتْ لِلْأَشْعَثِ فَدَعَا عَلِيٌّ حَسَّانَ بْنَ مَخْدُوجٍ فَجَعَلَ لَهُ تِلْكَ الرِّئَاسَةَ فَتَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْهُمُ الْأَشْتَرُ وَ عَدِيٌّ الطَّائِيُّ وَ زَحْرُ بْنُ قَيْسٍ[3] وَ هَانِئُ بْنُ عُرْوَةَ فَقَامُوا إِلَى عَلِيٍّ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ رِئَاسَة الْأَشْعَثِ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِمِثْلِهِ وَ مَا حَسَّانُ بْنُ مَخْدُوجٍ مِثْلَ الْأَشْعَثِ.
فَغَضِبَ رَبِيعَةُ فَقَالَ حُرَيْثُ بْنُ جَابِرٍ: يَا هَؤُلَاءِ رَجُلٌ بِرَجُلٍ وَ لَيْسَ بِصَاحِبِنَا عَجْزٌ فِي شَرَفِهِ وَ مَوْضِعِهِ وَ نَجْدَتِهِ وَ بَأْسِهِ وَ لَسْنَا نَدْفَعُ فَضْلَ صَاحِبِكُمْ وَ شَرَفَهُ فَقَالَ النَّجَاشِيُّ فِي ذَلِكَ:
رَضِينَا بِمَا يَرْضَى عَلِيٌّ لَنَا بِهِ
وَ إِنْ كَانَ فِيمَا يَأْتِ جَدْعُ الْمَنَاخِرِ
وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ دُونَ أَهْلِهِ
وَ وَارِثُهُ بَعْدَ الْعُمُومِ الْأَكَابِرِ[4]
[1] كانت العرب إذا أرادت حربا فساروا إليها ركبوا الإبل و قرنوا إليها الخيل لإراحة الخيل و صيانتها. انظر المفضليات الخمس 39.
[2] انظر لأقوال النحاة في مثل هذه العبارة خزانة البغداديّ (2: 90 بولاق).
[3] في الأصل: «زجر» بالجيم، صوابه بالحاء كما سبق في ص 15.
[4] جمع العم أعمام و عموم و عمومة.