لله ولكم ؛ فإنه من
علينا بما هو أهله أن نشكر فيه آلاءه وبلاءه ونعماءه قولا [١] يصعد إلى الله فيه الرضا ، وتنتشر فيه
عارفة الصدق ، يصدق الله فيه قولنا ، ونستوجب فيه المزيد من ربنا ، قولا يزيد ولا
يبيد ؛ فإنه لم يجتمع قوم قط على أمر واحد إلا اشتد أمرهم ، واستحكمت عقدتهم.
فاحتشدوا في قتال عدوكم : معاوية وجنوده ؛ فإنه قد حضر. ولا تخاذلوا ؛ فإن الخذلان
يقطع نياط القلوب ؛ وإن الإقدام على الأسنة نجدة وعصمة ؛ لأنه لم يمتنع [٢] قوم قط إلا رفع الله عنهم العلة ،
وكفاهم جوائح الذلة [٣]
، وهداهم إلى معالم الملة.
ثم قام الحسين بن علي خطيبا ، فحمد الله
وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : يا أهل الكوفة أنتم الأحبة الكرماء ، [ و ]
الشعار دون الدثار ؛ جدوا في إحياء ما دثر بينكم ، وإسهال ما توعر عليكم ، وألفة
ما ذاع منكم [٥].
[١] في الأصل : «
قوك ». والكلام بعد : « إنما غضبنا لله ولكم » إلى : « ولا يبيد » لم يرد في ح.
[٢] الامتناع :
العزة والقوة. وفي القاموس : « والممتنع الأسد القوي العزيز في نفسه ». ح : «
يتمنع ». وفي اللسان : « منع الشيء مناعة : اعتز وتعسر. وقد تمنع ».
[٣] الجوائح :
الدواهي والشدائد ، واحدتها جائحة. وفي الأصل : « حوائج » ، والوجه ما أثبت من ح.
[٤] البيت للعباس بن
مرداس السلمي ، كما في الخزانة ( ٢ : ٨٢ ) والرواية. المعروفة : « السلم تأخذ منها
». ويستشهد بهذه الرواية اللغويون على أن « السلم » تؤنث. قال التبريزي : « الجرع
: جمع جرعة ، وهي ملء الفم. يخبره أن السلم هو فيها وادع ينال من مطالبه ما يريد
فإذا جاءت الحرب قطعته عن لذاته وشغلته بنفسه ». وهو تحريض على الصلح. وأنفاس
الحرب ، أراد بها أوائلها.
[٥] ليست في ح. وذاع
: انتشر وتفرق. وفي الأصل : « أذاع ».