فأرسل الوليد إلى ابن الزبير و الحسين عليه السّلام: عبد اللّه بن عمرو بن عثمان و هو إذ ذاك غلام حدث!و كأنّ الفصل كان صيفا، و كان ابن الزبير بعد الصلاة قد قعد لدى الحسين عليه السّلام في المسجد يتحدّثان، فبحث عبد اللّه عنهما فدلّ على المسجد و وجدهما جالسين فيه يتحدّثان، فوقف عليهما و قال لهما: أجيبا!الأمير يدعوكما!فقالا له: انصرف؛ الآن نأتيه.
ثم قال ابن الزبير للحسين عليه السّلام: ظنّ فيما تراه بعث إلينا في هذه الساعة التي لم يكن يجلس فيها؟
فقال الحسين عليه السّلام: قد ظننت أنّ طاغيتهم قد هلك!فبعث إلينا ليأخذنا بالبيعة قبل أن يفشوا الخبر في الناس.
فقال ابن الزبير: و ما أظنّ غيره، فما تريد أن تصنع؟
قال الحسين عليه السّلام: أجمع فتياني الساعة ثم أمشي إليه و أحتبسهم على الباب و أدخل عليه.
ثمّ قام فجمع إليه أهل بيته و مواليه و أقبل بهم يمشي حتّى انتهى إلى باب الوليد فقال لهم: إنّي داخل، فإن دعوتكم، أو سمعتم صوته قد علا فاقتحموا بأجمعكم عليّ، و إلاّ فلا تبرحوا حتى أخرج إليكم.
ثمّ دخل فسلّم عليه بالإمرة، و كان مروان قبل هذا قد قاطع الوليد و جلس عنه لا يأتيه، و رآه الحسين عليه السّلام الليلة عند الوليد فقال: أصلح اللّه ذات بينكما فالصلة خير من القطيعة!فلم يجيباه في هذا بشيء!حتى جلس الحسين عليه السّلام فأقرأه الوليد كتاب نعي معاوية، ثمّ دعاه إلى البيعة.
فقال الحسين عليه السّلام: إِنََّا لِلََّهِ وَ إِنََّا إِلَيْهِ رََاجِعُونَ... أمّا ما سألتني من البيعة فإنّ مثلي لا يعطي بيعته سرّا، و لا أراك تجتزئ بها منّي سرّا دون أن تظهرها على