اعتزل ابن همّام، بل اختفى حتّى طلب الأمان له عبد اللّه بن شدّاد الجشمي، فآمنه المختار، فجاء إليه بقصيدة مديح قال فيها:
و في ليلة المختار ما يذهل الفتى # و يلهيه عن رود الشباب شموع
دعا «يالثارات الحسين» فأقبلت # كتائب من «همدان» بعد هزيع
و من «مذحج» جاء الرئيس «ابن مالك» # يقود جموعا عبّيت بجموع
و من «أسد» وافى «يزيد» لنصره # بكلّ فتى حامى الذمار منيع
و جاء «نعيم» خير «شيبان» كلّها # بأمر لدى الهيجاء أحدّ جميع
و ما «ابن شميط» إذ يحرّض قومه # هناك بمخذول و لا بمضيع
و لا «قيس نهد» لا و لا «ابن هوازن» # و كلّ أخو إخباتة و خشوع
و سار «أبو النعمان» للّه سعيه # إلى «ابن إياس» مصحرا لوقوع
بخيل عليها يوم هيجا دروعها # و اخرى حسورا غير ذات دروع
فكرّ الخيول كرة ثقفتهم # و شدّ بأولاها على ابن مطيع
فحوصر في «دار الإمارة» بائيا # بذلّ و إرغام له و خضوع
فمنّ وزير «ابن الوصيّ» عليهم # و كان لهم في الناس خير شفيع
و آب الهدى حقّا إلى مستقرّه # بخير إياب آبه، و رجوع
«إلى الهاشميّ المهتدي المهتدى به» # فنحن له من سامع و مطيع
فقال المختار لأنصاره: قد أثنى عليكم و أحسن الثناء فأحسنوا له الجزاء.
فقال يزيد بن أنس الأسدي: إن كان أراد بقوله ثواب اللّه فما عند اللّه خير له، و إن كان إنّما اعترى أموالنا بهذا القول فو اللّه ما في أموالنا ما يسعه!قد كانت بقيت من عطائي بقيّة قوّيت بها إخواني. و قال أحمر بن شميط الأحمسي لابن همّام: يابن همّام!إن كنت أردت بهذا القول وجه اللّه فاطلب ثوابك من اللّه، و إن كنت اعتريت به رضا الناس و طلب أموالهم فاكدم الجندل!فو اللّه ما من قال قولا لغير اللّه و في غير ذات اللّه بأهل أن ينحل و لا يوصل!غ