لم يزالوا سامعين مطيعين مناصحين، و أنا مبلّغ ذلك صاحبي!و معلّمه طاعتكم و جهادكم و عدوّكم حتّى كان اللّه الغالب على أمره.
و قد كان من رأيكم و ما أشرتم به عليّ ما قد علمتم، و قد رأيت أن أخرج الساعة... و جزاكم اللّه خيرا، و ليأخذ كلّ امرئ منكم حيث أحبّ.
ثمّ خلّى القصر و خرج من نحو درب الروميّين إلى دار أبي موسى الأشعري!
و بعده فتح أصحابه باب القصر و طلبوا الأمان فآمنهم على أن يبايعوه فخرجوا و بايعوه، فدخل المختار القصر ليلا فبات فيه [1] .
خطبة المختار و بيعته و عطاؤه:
و أصبح الناس في المسجد، و خرج المختار إليهم فصعد المنبر، فقال:
الحمد للّه الذي وعد وليّه النصر و عدوّه الخسر، و جعله فيه إلى آخر الدهر، وعدا مفعولا و قضاء مقضيّا و قد خاب من افترى!
أيّها الناس، إنّه رفعت لنا راية و مدّت لنا غاية، فقيل لنا في الراية: أن ارفعوها و لا تضعوها، و في الغاية: أن اجروا إليها و لا تعدوها. فسمعنا دعوة الداعي و مقالة الواعي، فكم من ناع و ناعية لقتلى في الواعية!و بعدا لمن طغى، و أدبر و عصى، و كذّب و تولّى.
ألا فادخلوا أيّها الناس بايعوا بيعة الهدى، فلا-و الذي جعل السماء سقفا مكفوفا و الأرض فجاجا سبلا-ما بايعتم بعد بيعة عليّ بن أبي طالب و آل عليّ بيعة أهدى منها!ثمّ سكت و نزل.