روى أبو مخنف عن حميد بن مسلم قال: خرج إلينا غلام كأنّ وجهه شقّة قمر، في يده السيف، عليه قميص و إزار و نعلان قد انقطع شسع أحدهما ما أنسى أنّها اليسرى. فقال لي عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي: و اللّه لأشدن عليه!فقلت له: سبحان اللّه!و ما تريد إلى ذلك!يكفيك هؤلاء الذين تراهم قد احتووه. فقال:
و اللّه لأشدنّ عليه!ثمّ شدّ عليه، فما ولّى حتّى ضرب رأسه بالسيف، فوقع الغلام لوجهه و قال: يا عمّاه!
فجلّى الحسين كما يجلّي الصقر ثمّ شدّ شدّة ليث اغضب، فضرب عمرا بالسيف فاتقاه بالساعد فأطنّها من لدن المرفق، و جالت الخيل فوطئته حتّى مات! و انجلت الغبرة فإذا بالحسين قائم على رأس الغلام، و الغلام يفحص برجليه، و حسين عليه السّلام يقول: بعدا لقوم قتلوك، و من خصمهم يوم القيامة فيك جدك!عزّ و اللّه على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك ثم لا ينفعك!صوت و اللّه كثر واتره و قلّ ناصره!ثمّ احتمله. قال حميد بن مسلم: فكأنّي أنظر إلى رجلي الغلام يخطّان في الأرض، و قد وضع الحسين صدره على صدره، فجاء به حتّى ألقاه مع ابنه عليّ بن الحسين، و حوله قتلى من أهل بيته!فسألت عن الغلام فقيل: هو القاسم بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب [1] .
مقتل العباس و إخوته:
ثمّ إنّ العباس بن علي عليه السّلام قال لإخوته من أمّه: عبد اللّه و جعفر و عثمان: يا بني امّي تقدّموا حتّى أراكم قد نصحتم للّه و لرسوله، فإنّه لا ولد لكم.
[1] تاريخ الطبري 5: 447 عن أبي مخنف، و الإرشاد 2: 107-108.