و انصرف عمرو بن الحجاج و أصحابه و ارتفعت الغبرة فإذا بمسلم بن عوسجة صريع، و مشى إليه الحسين عليه السّلام و معه حبيب بن مظاهر الأسدي فإذا به رمق، فقال: رحمك ربّك يا مسلم بن عوسجة!ثمّ تلا قوله سبحانه: فَمِنْهُمْ مَنْ قَضىََ نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ مََا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً[1] .
و دنا منه حبيب بن مظاهر و قال له: يا مسلم عزّ عليّ مصرعك، أبشر بالجنة. فأجابه مسلم بصوت ضعيف: بشّرك اللّه بخير!فقال حبيب: لو لا أنّي أعلم أنّي في إثرك لا حق بك من ساعتي هذه، لأحببت أن توصيني بكلّ ما أهمّك حتّى أحفظك في كلّ ذلك بما أنت أهل له في القرابة و الدين.
فرفع مسلم بن عوسجة يده و أشار إلى الحسين عليه السّلام و قال لحبيب: بل أنا اوصيك بهذا رحمك اللّه أن تموت دونه!فقال له حبيب: أفعل و ربّ الكعبة!ثمّ مات مسلم في أيديهم رحمه اللّه.
و كانت مع مسلم الأسدي جارية له فصاحت: يا سيّداه!يابن عوسجتاه [2] !
الحملة الثالثة:
و كان شمر بن ذي الجوشن الكلابي على ميسرة ابن سعد، فحمل بهم على ميمنة الحسين عليه السّلام، فثبتوا له و طاعنوه و أصحابه، و قتل في الحملة من أصحاب الإمام عبد اللّه بن عمير الكلبي رحمه اللّه، تعاون على قتله هانئ بن ثبيت الحضرمي، و بكير بن حيّ التميمي [3] و خرجت إليه امرأته حتّى جلست عند رأسه و أخذت