و كان أمام جيوشهم الفيلة عليها الرجال، على كل فيل عشرون رجلا، و على الفيلة تجافيف الحديد و قرونها مجلّلة بالديباج و الحرير، و حول الفيلة الرجال و الخيول. فحمل منها سبعة عشر فيلا على بني بجلة، فلما نظر سعد إلى المراكب و الفيول مالت إلى بجيلة بعث إلى بني أسد أمرهم بمعونه بجلة.
و كان عمر قد أذن للمرتدين بالغزو، فكان طليحة بن خويلد الأسدي المرتد السابق مع قومه بني أسد، فخرج مع فرسان منهم فقتلوا منهم خمس مائة رجل، و اشتد الجلاد في هذا اليوم الأول-يوم أغواث-على بني أسد من بين الناس حتى أوقفوا الفيلة و رجالها.
فلما أصبحوا في اليوم الثاني رأوا المشرق كأنّما يغطى أشعة الشمس أسنّة الخيل و إذا بخمسة آلاف فارس من ربيعة و مضر و ألف معهم من اليمن معهم القعقاع ابن عمرو، و عليهم جميعا ابن أخي سعد: هاشم المرقال بن عتبة بن أبي وقاص الزهري مددا لهم من الشام، و ذلك بعد فتح دمشق بشهر (أي في النصف من شعبان 15 هـ) [1] فأيقن أهل القادسية بالنصر على فارس و زال عنهم ما لحقهم بالأمس من القتل و الجرح.
و كان القعقاع متقدما في أوائل المدد، و حين وروده برز أمام الصف و نادى: هل من مبارز؟فبرز إليه عظيم منهم، فقال له القعقاع: من أنت؟قال:
أنا بهمن بن جاذويه و هو المعروف بذي الحاجب كان قائد الفرس يوم الجسر و كان اليوم مع رستم، فنادى القعقاع: يا لثارات أصحابنا يوم الجسر، ثم جالا، فقتله القعقاع. ثم كانت له ثلاثون حملة، و في كل حملة قتل عظيما من عظمائهم آخرهم بزرجمهر.