معظمها يرجع الى قتال الكفار، ثم الاحتجاج على المنافقين. فأوّلها آيات تؤذن بالبراءة من عهود المشركين و قتالهم، و أهل الكتاب، ثم آيات في الاستنهاض للقتال و حال المتخلّفين، و ولاية الكفار، و الزكاة، و غير ذلك [1] .
و الآيات تنبئ عن أن المنافقين كانوا جماعة ذوي عدد في قوله سبحانه ... إِنْ نَعْفُ عَنْ طََائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طََائِفَةً بِأَنَّهُمْ كََانُوا مُجْرِمِينَ : 66 و انه كان لهم بعض الاتصال و التوافق مع جماعة آخرين منهم في قوله سبحانه: اَلْمُنََافِقُونَ وَ اَلْمُنََافِقََاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ... : 67 و انهم كانوا على ظاهر الاسلام و الايمان حتى اليوم و انما نافقوا يومئذ، اي تفوّهوا بكلمة الكفر فيما بينهم و اسرّوا بها في قوله سبحانه: ... قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمََانِكُمْ... : 66 و انهم تواطئوا على أمر دبّروه فيما بينهم فأظهروا عند ذلك كلمة الكفر و همّوا بأمر عظيم، فحال اللّه بينهم و بينه فخاب سعيهم و لم يؤثر كيدهم في قوله سبحانه: ... وَ لَقَدْ قََالُوا كَلِمَةَ اَلْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاََمِهِمْ وَ هَمُّوا بِمََا لَمْ يَنََالُوا... : 74 و انه ظهر مما همّوا به بعض ما يستدلّ عليه من الآثار و القرائن، فسئلوا عن ذلك، فاعتذروا بما هو مثله قبحا و شناعة في قوله سبحانه: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمََا كُنََّا نَخُوضُ وَ نَلْعَبُ... : و الآيات التالية لهذه الآيات في سياق متصل منسجم، تدل على ان هذه الواقعة أياما كانت فقد وقعت بعد خروج النبي صلّى اللّه عليه و آله الى غزوة تبوك و لما يرجع الى المدينة.
فيتخلّص من الآيات ان جماعة ممن خرج مع النبي تواطئوا على أن يمكروا به صلّى اللّه عليه و آله، و أسرّوا عند ذلك فيما بينهم بكلمات كفروا بها بعد اسلامهم، ثم همّوا أن يفعلوا ما اتفقوا عليه بفتك أو نحوه، فأبطل اللّه كيدهم و فضحهم و كشف عنهم،