جعلنا ملوكا، و اصطفى لنا من خلقه رسولا، أكرمهم نسبا، و أحسنهم زيّا، و أصدقهم حديثا. أنزل عليه كتابه، و ائتمنه على خلقه، و كان خيرته من عباده، فدعا إلى الإيمان، فآمن المهاجرون من قومه و ذوي رحمه. أصبح الناس وجها، و أفضل الناس فعالا، ثمّ كنّا أوّل الناس إجابة حين دعا رسول اللّه، فنحن أنصار اللّه و رسوله، نقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلاّ اللّه، فمن آمن باللّه و رسوله منع منّا ماله و دمه، و من كفر باللّه جاهدناه في ذلك و كان قتله علينا يسيرا. أقول قولي هذا و استغفر اللّه للمؤمنين و المؤمنات. ثم جلس.
فقالوا: يا رسول اللّه ائذن لشاعرنا. فأذن له. فأقاموا الزبرقان فقال:
نحن الملوك فلا حيّ يقاربنا # فينا الملوك، و فينا تنصب البيع
و كم قسرنا من الأحياء كلّهم # عند النّهاب و فضل الخير يتّبع
و نحن نطعم عند القحط ما أكلوا # من السديف إذا لم يؤنس القزع [1]
و ننحر الكوم عبطا في أرومتنا [2] # للنازلين، إذا ما انزلوا شبعوا
و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد أمر بوضع منبر في المسجد (منذ عام) فالتفت إلى حسّان بن ثابت و قال له: أجبهم، فقال:
إنّ الذوائب من فهر و اخوتهم # قد بيّنوا سنّة للناس تتّبع
يرضى بهم كلّ من كانت سريرته # تقوى الإله، و بالأمر الذي شرعوا
قوم إذا حاربوا ضرّوا عدوّهم # أو حاولوا النفع في أشياعهم، نفعوا
سجية تلك منهم غير محدثة # إنّ الخلائق-فاعلم-شرّها البدع
إن كان في الناس سبّاقون بعدهم # فكل سبق لأدنى سبقهم تبع