فقلت له: ما أنت؟فقال: رجل من اليهود، فأدخلناه على رسول اللّه. فقال له: يا أبا القاسم تؤمنني و أهلي على أن أدلّك على عورة اليهود؟فقال رسول اللّه: نعم.
فقال اليهودي: خرجت من حصن النطاة من عند قوم ليس لهم نظام، تركتهم يتسللون من الحصن في هذه الليلة. فقال رسول اللّه: فأين يذهبون؟قال: الى أذل مما كانوا فيه الى الشقّ، و قد رعبوا منك، حتى انّ أفئدتهم لتخفق. و هذا حصن اليهود فيه السلاح و الطعام و الودك (اللحم) و فيه آلة حصونهم التي كانوا يقاتلون بها... قد غيّبوا ذلك في بيت من حصونهم تحت الارض. قال رسول اللّه: و ما هو؟ قال: منجنيق مفكّكة و دبّابتان، و سلاح من دروع و بيض و سيوف، فاذا دخلت الحصن-قال رسول اللّه: ان شاء اللّه-فقال اليهودي: ان شاء اللّه اوقفك عليه، فانه لا يعرفه احد من اليهود غيري. و اخرى!فقيل: و ما هي؟قال: تستخرجه (المنجنيق) ثم انصبه على حصن الشق، و تدخل الرجال تحت الدبابتين فيحفرون الحصن فتفتحه من يومك، و كذلك تفعل بحصن الكتيبة.
ثم قال اليهودي: يا أبا القاسم، احقن دمي!قال: أنت آمن. قال: ولي زوجة في حصن النزّار فهبها لي. قال: هي لك.
ثم قال رسول اللّه: ما لليهود حوّلوا ذراريهم من النطاة؟قال: جرّدوها للمقاتلة، و حوّلوا الذراري الى الشق و الكتيبة. ثم دعاه رسول اللّه الى الاسلام، فقال: أنظرني أياما [1] .
ثم روى عن معتّب الاسلمي قال: لما قدمنا خيبر أقمنا عشرة أيام على حصن النطاة لا نفتح (حصنا) فيه طعام، فاتّفق بنو أسلم أن يرسلوا أسماء بن حارثة الاسلمي ليشكو حالهم الى النبي، فقالوا له: ائت رسول اللّه فقل له: ان أسلم يقرءونك السلام و يقولون: إنا جهدنا من الجوع و الضعف.