و أشار إلى هذا ابن اسحاق بعد ان قال: و أعطى رسول اللّه المؤلّفة قلوبهم -و كانوا من أشراف الناس-يتألّفهم و يتألّف بهم قومهم [1] .
و روى الكليني في «الكافي» بسنده عن زرارة عن الباقر عليه السّلام قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يوم حنين تألّف رءوسا من رءوس العرب من قريش و سائر مضر، منهم أبو سفيان بن حرب، و عيينة بن حصن الفزاري، و أشباههم من الناس [و هم]المؤلّفة قلوبهم[و]هم قوم وحّدوا اللّه-عزّ و جلّ-و خلعوا عبادة ما يعبد من دون اللّه و شهدوا أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و هم مع ذلك شكّاك في بعض ما جاء به محمد صلّى اللّه عليه و آله، فأمر اللّه-عزّ و جل-نبيّه صلّى اللّه عليه و آله أن يتألّفهم بالمال و العطاء لكي يحسن إسلامهم و يثبتوا على دينهم الذي دخلوا فيه و أقرّوا به [2] .
و روى الواقدي عن الزهري عن عروة بن الزبير و سعيد بن المسيّب، عن حكيم بن حزام بن الأسدي قال: سألت رسول اللّه مائة من إبل حنين فأعطانيها، فسألته مائة اخرى فأعطانيها، فسألته مائة ثالثة فأعطانيها ثم قال لي: يا حكيم بن حزام، إنّ هذا المال حلوة خضرة، فمن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه و كان الذي يأكل و لا يشبع، و من أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه؛ و اليد العليا خير من السفلى و ابدأ بمن تعول!فقال حكيم بن حزام: يا رسول اللّه، و الذي بعثك بالحق لا آخذ من أحد شيئا بعدك [3] .
و طاف صلّى اللّه عليه و آله يتصفّح الغنائم و تبعه صفوان بن اميّة الجمحي، إذ مرّ بشعب مملوء مما أفاء اللّه عليه من إبل و أغنام، فجعل صفوان ينظر إليها معجبا بها،
[1] ابن اسحاق في السيرة 4: 135، و حكى عنه الطبرسي في إعلام الورى 1: 236.