فلما دخل مكة و أقبل معها إلى رسول اللّه-أو قبل ذلك-قال النبيّ لأصحابه!يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمنا [1] فلا تسبّوا أباه فإن سبّ الميت يؤذي الحيّ و لا يبلغ الميّت. و دنا عكرمة من رسول اللّه و زوجته معه متنقبة، و رسول اللّه جالس، فوقفا بين يديه و قال عكرمة و هو يشير إليها: يا محمد، إنّ هذه أخبرتني أنّك أمّنتني!فقال رسول اللّه: صدقت فأنت آمن. فقال عكرمة: فإلى ما تدعو يا محمد؟قال: أدعوك إلى أن تشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّي رسول اللّه، و أن تقيم الصلاة و تؤتي الزكاة [2] .. و عدّ خصالا من الإسلام. فقال عكرمة: و اللّه ما دعوت إلاّ إلى الحقّ و أمر حسن جميل، قد كنت فينا قبل أن تدعو إلى ما دعوت إليه و أنت أصدقنا حديثا و أبرّنا برّا.. فانّي أشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله. فردّ عليه رسول اللّه امرأته بنكاحه السابق [3] و ذلك أنّ إسلام عكرمة كان في عدة امرأته لإسلامها قبله [4] . غ
تكريم، و تحريم، و فضيلة، و عطاء:
قالوا: و قدمت اخت حليمة السعدية من بني سعد بن بكر على رسول
[1] في نصّ الواقدي زيادة: و مهاجرا. و أظنه زيادة إذ إن ذلك يتنافى و قوله صلّى اللّه عليه و آله: لا هجرة بعد الفتح.
[2] كذا، و سيأتي أن الزكاة إنما فرضت في التاسعة بعد رجوعه من فتح مكة.
[3] مغازي الواقدي 2: 852 و في بقية الخبر: أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لعكرمة: قل: انّي مسلم مهاجر. بينما ثبت عنه صلّى اللّه عليه و آله أنه قال: لا هجرة بعد الفتح.
[4] مغازي الواقدي 2: 855. و بقي ممّن أهدر رسول اللّه دمه و أسلم فيما بعد فأمن: وحشي قاتل حمزة، و قد هرب إلى الطائف حتى قدم في وفد الطائف فأسلم فأمن. و هبّار ابن الأسود الذي كان قد أسقط زينب بنت النبيّ جنينها يوم هجرتها، فأهدر النبيّ دمه، ففرّ في فتح مكة حتى قدم المدينة بعد الجعرّانة فأسلم و أمن، و سنأتي على خبرهما في موضعه من سياق التاريخ.