أن تهلكها، فهذا أمان من رسول اللّه قد جئتك به!قال صفوان: و يحك اعزب عنّي فلا تكلّمني!قال عمير: أي صفوان، فداك أبي و امّي!أفضل الناس و أبرّ الناس و أحلم الناس و خير الناس ابن عمّك، عزّه عزّك، و شرفه شرفك، و ملكه ملكك! قال: إنّي أخافه على نفسي!قال: هو أحلم من ذاك و أكرم!إن رسول اللّه قد أمّنك!
قال الواقدي: فقال صفوان: لا و اللّه لا أرجع معك حتى تأتيني بعلامة أعرفها!فرجع عمير إلى رسول اللّه و قال: يا رسول اللّه، أدركت صفوان هاربا يريد أن يقتل نفسه (بركوب البحر) فأخبرته بما أمّنته فقال: لا أرجع حتى تأتي بعلامة أعرفها. يا رسول اللّه فأعطني آية يعرف بها أمانك.
فأعطاه رسول اللّه عمامته و كانت حبرة يمانية دخل فيها رسول اللّه يومئذ معتجرا بها (غير متحنّك) فخرج عمير بها إليه حتى أدركه و هو يريد أن يركب البحر. فقال له: يا أبا وهب، جئتك من عند خير الناس و أوصل الناس و أبرّ الناس و أحلم الناس، مجده مجدك و عزّه عزّك و ملكه ملكك، ابن امّك و أبيك، فاذكّرك اللّه في نفسك!قال له: أخاف أن اقتل!
قال: قد دعاك إلى أن تدخل في الإسلام فان رضيت و إلاّ سيّرك شهرين، و هو أوفى الناس و أبرّهم، و قد بعث إليك ببرده الذي دخل به معتجرا، تعرفه؟قال:
نعم، فأخرجه له، فقال: نعم هو هو.
فرجع صفوان و معه غلامه يسار مع عمير بن وهب حتى انتهوا إلى المسجد الحرام و رسول اللّه يصلي بالمسلمين العصر (قصرا: ركعتين) فلما سلّم، صاح صفوان: يا محمد!إنّ عمير بن وهب جاءني ببردك و زعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك فان رضيت أمرا (؟!) و إلاّ سيّرتني شهرين؟!فقال رسول اللّه: انزل أبا وهب. قال: لا و اللّه حتى تبيّن لي!قال: بل تسير أربعة أشهر!فنزل صفوان [1] .