و كان أبو عبس بن جبر من فقراء أصحابه فقال له: ما عندنا نفقة و لا زاد و لا ثوب نخرج فيه. فأعطاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثوبا سابغا طويلا، باعه بثمانية دراهم و ابتاع بنصف ثمنه بردة، و درهمين تمرا، و ترك درهمين نفقة لاهله.
فرآه رسول اللّه ليس عليه ثوبه فسأله: أين الشقة التي كسوتك؟فقال:
بعتها بثمانية دراهم، و اشتريت بردة بأربعة دراهم، و تزودت تمرا بدرهمين، و تركت درهمين نفقة لأهلي. فضحك رسول اللّه ثم قال: يا أبا عبس، و الذي نفسي بيده لئن سلمت و أصحابك من الفقراء و عشتم قليلا، ليكثرنّ زادكم و ما تتركون لأهليكم، و ليكثرن دراهمكم و عبيدكم، و ما ذاك بخير لكم! [1]
و قد كان جماعة منهم تخلّفوا عنه في الحديبية و أرجفوا به و بالمسلمين...
و جاءوا اليوم يريدون أن يخرجوا معه رجاء الغنيمة، فقالوا له: إن خيبر ريف الحجاز طعاما و لحما و أموالا، فنخرج معك إليها؟فقال صلّى اللّه عليه و آله: لا تخرجوا معي الاّ راغبين في الجهاد، و أما الغنيمة فلا.
ثم بعث مناديا ينادي: لا يخرجن معنا الا راغب في الجهاد، و أما الغنيمة فلا. غ
موقف يهود المدينة:
قال: و حين تجهّز النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الى خيبر أصبح يهود المدينة يقولون للمسلمين:
ما أمنع و اللّه خيبر منكم!لو رأيتم خيبر و حصونها و رجالها لرجعتم قبل أن تصلوا إليهم، هم في حصون شامخات في ذرى الجبال، و الماء فيها واتن (لا ينقطع) و ان فيها لألف دارع، و ما كانت أسد و غطفان يمتنعون من العرب قاطبة الا بهم، أ فأنتم تطيقون خيبر؟!فيقول لهم الأصحاب: ان اللّه قد وعد نبيّه أن يغنّمه ايّاها [2] .