قالوا: و في السنة الاولى من الهجرة شرّع الأذان [1] . و روى محمد ابن اسحاق عن محمد بن ابراهيم، عن محمد بن عبد اللّه، عن أبيه عبد اللّه بن زيد أنه قال: كان رسول اللّه حين قدم المدينة يجتمع الناس إليه للصلاة لحين مواقيتها بغير دعوة، و كان لليهود بوق يدعون به لصلاتهم، فهمّ رسول اللّه أن يجعل لذلك بوقا كبوق اليهود. ثم كرهه. و أمر أن ينحت ناقوس ليضرب به للصلاة.
فبينما هم على ذلك إذ طاف بي طائف: مرّ بي رجل عليه ثوبان اخضران يحمل ناقوسا في يده، فقلت له: يا عبد اللّه أ تبيع هذا الناقوس؟قال: و ما تصنع به؟قال: قلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أ فلا أدلك على خير من ذلك؟قال:
قلت: و ما هو؟فعلّمه فصول الأذان بلا اقامة، و ليس فيها «حيّ على خير العمل» .
فأتى رسول اللّه فقال له ذلك. فلما أخبر بها رسول اللّه قال: إنها لرؤيا حق ان شاء اللّه، فقم مع بلال فألقها عليه فليؤذّن بها فانه أندى صوتا منك [2] .
«و هناك من أحاديثهم ما هو صريح بأن تلك الرؤيا كانت من أربعة عشر رجلا من الصحابة، كما في «شرح التنبيه» للجبيلي، و رووا أن الرائين تلك الليلة كانوا سبعة عشر رجلا من الأنصار و عمر وحده من المهاجرين، و رووا أن بلالا ممن رأى الأذان أيضا. و ثمة متناقضات في هذا الموضوع أورد الحلبي منها ما يوجب العجب العجاب، و حاول الجمع بينها فحبط عمله.
و الشيخان البخاري و مسلم قد أهملا هذه الرؤيا بالمرة، فلم يخرجاها في