إنّ أهل الجاهلية كانوا لا يورثون الصبيّ الصغير و لا الجارية من ميراث آبائهم شيئا، و كانوا لا يعطون الميراث إلاّ لمن يقاتل، و كانوا يرون ذلك في دينهم حسنا! فلما أنزل اللّه المواريث وجدوا من ذلك وجدا شديدا، فقالوا: انطلقوا إلى رسول اللّه فنذكّره ذلك لعلّه يدعه أو يغيره!
فأتوه فقالوا: يا رسول اللّه، للجارية نصف ما ترك أبوها و أخوها و يعطى الصبيّ الصغير الميراث و ليس أحد منهما يركب الفرس و لا يحوز الغنيمة و لا يقاتل العدو؟!
*** أما سورة آل عمران قبلها، فهي ثالث سورة مدنية نزلت بعد الأنفال، و آياتها مائتان، قال ابن اسحاق عنها: مما أنزل اللّه في يوم احد من القرآن ستون آية من آل عمران فيها صفة ما كان في يومهم ذلك و معاتبة من عاتب منهم [2] .
و روى الواقدي في «المغازي» مسندا: أنّ المسور بن مخرمة قال لعبد الرحمن بن عوف: حدثنا عن احد. فقال: يا بن أخي عدّ بعد العشرين و مائة من آل عمران فكأنك قد حضرتنا: وَ إِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ اَلْمُؤْمِنِينَ مَقََاعِدَ لِلْقِتََالِ[3] .
و كذلك بدأ ابن اسحاق، و ختم الستين آية بالآية المائة و الثمانين: ... وَ مََا كََانَ اَللََّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى اَلْغَيْبِ وَ لََكِنَّ اَللََّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشََاءُ فَآمِنُوا بِاللََّهِ وَ رُسُلِهِ وَ إِنْ تُؤْمِنُوا وَ تَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ[4] . و إن لم يعيّنوا تأريخ نزولها متى؟
[1] تفسير القمي 1: 154. و روى السيوطي قريبا منه في الدر المنثور 2: 123. كما في الميزان 5: 104.