كان يعقوب بن عمير من جلّة أصحاب يزيد بن الوليد ، وكان رفيع المنزلة عنده. ولمّا بلغ يزيد بن الوليد ما اجتمع عليه أهل حمص من حربه ، والطلب بدم الوليد وجه إليهم عشرة [٤] رهط ، منهم : يزيد بن يزيد بن جابر ، ويعقوب بن عمير بن هانئ [العنسي][٥] ، وإنّهم لما قربوا منهم لقيتهم خيل أهل حمص ، ومنعوهم من دخولها ، وبعثوا إلى أهل حمص ، فخرج إليهم نحو من خمسين رجلا من أشرافهم ، وأخرج يزيد بن يزيد بن جابر كتاب يزيد بن الوليد ، فقرأه عليهم ، ثم حمد الله ـ تبارك وتعالى ـ وصلى على النبي 6 ، ثم ذكر الوليد ، فوصفه بسيّئ أعماله ، وما نقم عليه أهل بيته ، وأعلمهم أن يزيد ليس يدعوهم إلى نفسه ، وإنما يدعوهم إلى الرضى من الأمة ، وأن يكون أمرهم شورى بينهم ، وقال : نجتمع نحن وأنتم ، ونظراؤنا من أهل الشام ، فننظر لأنفسنا ، ونختار للمسلمين.
فقال عمرو [٦] بن قيس : فإن الذي لا نرضى إلّا به ، ولا نقرّ إلّا عليه تولية وليّي عهدنا اللذين قد بايعناهما [٧] ، ورضيت الأمة بهما ، فتناول [يعقوب][٨] لحية عمرو [٩] ، فقبض عليها ، وقال : عند الله أحتسب فناء عشيرتي ، وضيعة أمرهم! وقال : ذهب عقلك! وأغلظ له
[٦] في مختصر أبي شامة : عمر ، والمثبت عن تاريخ داريا وتاريخ الطبري وسماه : عمرو بن قيس السكوني.
[٧] يعني الحكم وعثمان ابني الوليد بن يزيد ، وكان الوليد قد عقد في سنة ١٢٥ ه البيعة لابنه الحكم ثم عثمان على أن يكونا وليي العهد من بعده وأخذت البيعة لولديه من بعده في الآفاق انظر البداية والنهاية ٦ / ٥٠٧ (حوادث سنة ١٢٥).