نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 70 صفحه : 19
كانت فاطمة بنت الحسين بن علي تحت الحسن بن الحسن بن علي فلمّا حضرته الوفاة قال لها : إنك مرغوب فيك ، متشرف بك لا تتركين ، إني والله لا أترك في قلبي حسرة سواك [١]. قالت : فإني أنتهي إلى ما أمرت به. فقال : لكأني بك لو قدّمت وأخرجت جنازتي ، قد جاءك ـ يعني عبد الله بن عمرو ـ على فرس ذنوب [٢] ، لابسا حلّته ، يسير في جانب الناس متعرضا لك ، ولست أدع من الدنيا همّا سواك ، فلم يدعها حتى توثق منها بالأيمان في ذلك ، ومات الحسن ، وأخرجت جنازته فوافى [٣] عبد الله بن عمرو ، وقد كان يجد بفاطمة وجدا شديدا ، وكان رجلا جميلا ، ونظر إلى فاطمة ونظرت إليه ، وكانت تلطم وجهها على الحسن ، فأرسل إليها مع جاريته : إنّ لنا في وجهك حاجة ، فارفقي [به][٤] قال : فخمّرت وجهها وأرسلت يدها حتى عرف ذلك جميع من حضرها ، فلمّا انقضت عدّتها خطبها ، فقالت : كيف أعمل بأيماني؟ فقال : لك بكل مال مالان ، وبكلّ مملوك مملوكان ، فوفى لها ، فتزوجها ، فولدت له محمّدا وسمّي من حسنه الديباج ، والقاسم ، ورقية ، ومحمّد هو الذي قال جميل : إنّي لأراه يخطر على الصفا ، فأغار على بثينة من أجله [٥].
أخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا الحسن بن محمّد ، أنا أحمد ابن محمّد بن عمر ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني محمّد بن صالح القرشي ، حدّثني أبو اليقظان قال : نظرت فاطمة بنت الحسين إلى جنازة زوجها الحسن بن الحسن ثم غطت وجهها وقالت :
وكانوا رجاء ثم أمسوا رزيّة
لقد عظمت تلك الرزايا وجلّت
قال : ونا ابن أبي الدنيا ، حدّثني أبو يعقوب الكوفي ، نا جرير ، عن ابن خالد بن سلمة القرشي ، قال :
لما مات الحسن بن الحسن بن علي اعتكفت فاطمة بنت حسين بن علي على قبره سنة ، وكانت امرأته ، ضربت على قبره فسطاطا فكانت فيه ، فلما مضت السنة قلعوا الفسطاط ،
[١] فوقها علامة تحويل إلى الهامش بالأصل ، وكتب على هامشه : «غيرك» وبعدها صح.