أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا وأبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب [٢] ، أخبرني أبو القاسم الأزهري ، نا أحمد بن إبراهيم ، نا إبراهيم بن محمد بن عرفة ، قال : ـ وفي هذه السنة ـ يعني سنة خمس وأربعين ومائة ـ تحوّل المنصور إلى مدينة السلام ، واستتمّ بناءها سنة ست وأربعين ، ثم كتب إلى أهل المدينة أن يوفدوا عليه خطباءهم وشعراءهم ، فكان فيمن وفد عليه إبراهيم بن هرمة. قال : فلم يكن في الدنيا خطبة أبغض إليّ من خطبة تقربني منه ، واجتمع الخطباء والشعراء من كل مدينة ، وعلى المنصور ستر يرى الناس من ورائه ولا يرونه ، وأبو الخصيب حاجبه قائم وهو يقول : يا أمير المؤمنين هذا فلان الخطيب ، فيقول : اخطب ، ويقول هذا فلان الشاعر. فيقول : أنشد ، حتى كنت آخر من بقي قال : يا أمير المؤمنين : هذا ابن هرمة ، فسمعته يقول : لا مرحبا ولا أهلا. ولا أنعم الله به عينا ، فقلت : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ)[٣] ، ذهبت والله نفسي ، ثم رجعت إلى نفسي فقلت : يا نفس هذا موقف إن لم تشتدي فيه هلكت.