ولي دمشق في ذي القعدة سنة ثمان وستين وأربعمائة بعد حصاره إياها دفعات ، وأقام بها الدعوة لبني العباس ، وتغلّب على أكثر الشام ، وقصد مصر ليأخذها فلم يتمّ له ذلك ثم رجع إلى دمشق ، ووجه المصريون إليه عسكرا ثقيلا فلما خاف من ظفرهم به راسل تتش [٣] بن ألب أرسلان يستنجد به ، فقدم دمشق سنة إحدى وسبعين وأربعمائة فغلب على البلد ، وقتل أتسز لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر من هذه السنة واستقام الأمر لتتش.
وكان أتسز لما دخل البلد أنزل جنده آدر الدمشقيين ، واعتقل من وجوههم جماعة ، وشمّسهم بمرج راهط [٤] ، حتى افتدوا نفوسهم منه بمال أدّوه [٥] إليه ، ورحل جماعة منهم عن البلد إلى أطرابلس ، إلى أن أريحوا منه بعد.
قرأت بخط شيخنا أبي محمد بن الأكفاني : نزل الملك أتسز بن الخوارزمي على دمشق محاصرا لها في يوم الثلاثاء التاسع من شهر رمضان من سنة سبع وستين وأربعمائة ، ثم انصرف عنها يوم الثلاثاء النصف من شوال من سنة سبع وستين وأربعمائة وعاد إلى النزول على دمشق عقيب هرب معلّى بن حيدرة بن منزو عن دمشق إلى بانياس في يوم السبت سلخ ذي الحجة سنة سبع وستين وأربعمائة ، ورحل عنها يوم الجمعة لأربع خلون من صفر من سنة ثمان وستين وأربعمائة ، ونزل على دمشق في شعبان من سنة ثمان وستين وأربعمائة ولم يزل محاصرا لها وغلت الأسعار ولم يقدر على شيء من الأقوات ، وبلغت غرارة الحنطة زائدا عن عشرين دينارا ، ثم أنه فتح البلد صلحا ودخلها
[١] بالأصل «أوف» والمثبت عن مختصر ابن منظور والوافي ٦ / ١٩٥ وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٣١. وفي م : أخبرنا ابن أوق.
[٢] ترجمته في سير الأعلام ١٨ / ٤٣١ وبحاشيتها ثبت بأسماء مصادر أخرى ترجمت له.