نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 7 صفحه : 184
الليل [١] ، فدخلت ومخارق وعلّوية ، والمعتصم بين يديه ثلاث جامات : جام فضّة مملوءة دنانير جددا [٢] ، وجام ذهب مملوءة دراهم ، وجام قوارير مملوءة عبيرا [٣]. فظننّا أنه لنا ، بل لم نشكّ في ذلك ، فغنّيناه وأجهدنا أنفسنا فلم يطرب ولم يتحرك لشيء من غنائنا ، ودخل الحاجب فقال إبراهيم بن المهدي ، فأذن له ، فدخل فلما أخذ مجلسه غنّاه أصواتا أحسن فيها ، ثم غنّاه بصورت من صنعته بشعره فقال :
فاستحسنه المعتصم وطرب له وقال : أحسنت والله يا عمّ ، فقال إبراهيم : فإن كنت أحسنت فهب لي إحدى هذه الجامات ، فقال : خذ أيها شئت ، فأخذ التي فيها الدنانير ، ونظر بعضنا إلى بعض ساعة لأنا رجونا أن نأخذهنّ ، وغنّاه بشعر له بعد ساعة [٦] :
فما قهوة مرّة قرقف
شمول تروق براووقها
بكفّ أغنّ خضيب البنا
ن يخطر بين أباريقها
مريض الجفون نبيل العيون
ترمي ما مكّن تفويقها
بأطيب من فمها نكهة
إذا امتصّت الشّهد من ريقها
فقال المعتصم : أحسنت والله يا عمّ وسررت ، قال : يا أمير المؤمنين ، فإن كنت أحسنت فهب لي جاما أخرى ، فقال : خذ أيهما شئت فأخذ الذهب التي فيها الدّراهم ، فأيسنا نحن ، وغنّى بعد ساعة :
ألا ليت ذات الخال تلقى من الهوى
عشير الّذي ألقى فيلتئم الحبّ
إذا رضيت لم يهنني ذلك الرضا
لعلمي به أنه سوف يدركه عتب
[١] الأغاني : «قصر التل» وبالحاشية عن نسخ أخرى : قصر الليل.