قال : ونا أحمد [٣] ، نا علي بن داود ، ثنا أحمد بن مرزوق ، نا عبد الله بن أبي بكر الزبيري ، نا سليمان بن أيوب قال :
كان مصعب بن الزبير وهو إذ ذاك على العراقين كثيرا ما يولع بقصيدة جميل بن معمر العذري وبهذا البيت خاصة [٤] :
ما أنس إلا أنس منها نظرة سلفت
بالحجر يوم جلتها أم منظور
فقال يوما : والله لقد كنت أشتهي أن أرى أم منظور وأسألها عن ذلك اليوم ، فسأل عنها فقيل له : هي باقية بوادي القرى ، فكتب إلى عامل الوادي يحملها إليه ، وأمره أن يدفع إليها ما تحتاج إليه ، ويرفق بها ، فحملت إليه ، فلمّا دخلت سألها ممن أنت؟ قالت : من عذرة ، فأنشدها البيت ، وسألها عن ذلك اليوم ، فقالت : نعم ، أعرف والله [٥] ذلك اليوم وما ذكر من تلك النظرة ، أذكر ، كان عندنا عرس لبعض الحي ، فاختلفوا ونحرت الجزر ، وصبغت النقاب ، ودعيت الرجال ، وبثينة يومئذ في تكامل من جمالها ، ووافق ذلك إقبالا من الثمرة فعملت لها سخابا [٦] من بلح ، ووشاحا من بلح ، ورجلت شعرها ، وأصلحت من ذلك ما يصلح ، وألبستها ثيابا وجمّلتها لتذهب فتنظر ، فاعترضنا جميل بن معمر فوافق خلوة من الرجال واشتغالا منهم بذلك العرس ، فلم يزل يعارضنا [٧] ينظر إليها حتى بلغت بها فأرسلتها في وسط الجواري ، فذلك قوله في ذلك اليوم.
قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن أبي بكر الخطيب ، أخبرني أبو طاهر محمّد بن