أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلم ، عن رشأ بن نظيف ، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن الحسين ، نا أبو بكر محمّد بن يحيى الصولي ، نا أحمد بن إسماعيل بن الخصيب ، قال : قال المدائني :
كان الغريض عند النسوة من قريش من العبلات [٣] : الثريا وأختها أم عثمان ، وكان أولا خياطا وكان ظريفا ، حلو اللسان ، حسن الجرم ، فدفعته إلى [ابن][٤] سريج ليعلمه الغناء فقبله ، فلما رأى ابن سريج [٥] حذقه وحسن خلقه ووجهه وظرف لسانه وحلاوة منطقه خاف أن يبرز عليه ، فنحّاه عن خدمته ، فقلن له مواليه : هل لك أن تنوح بالمراثي؟ ففعل فكان من أشجى الناس نوحا ، فكان يدخل المآتم وتضرب دونه الحجب ، ثم ينوح فيفتن [٦] كل من سمعه فنهته الجن عن ذلك فانتهى ، ورجع إلى الغناء ، فصار غناؤه شجيا كذلك النوح [٧].
[١] انظر أخباره في الأغاني ٢ / ٣٥٩ وفي مواضع أخرى منها راجع الفهارس العامة.
[٢] الغريض معناه الطري من كل شيء ، وهو لقب لقب به أبو يزيد المكي لأنه كان طري الوجه نضرا غض الشباب حسن المنظر ، قاله أبو الفرج في الأغاني ٢ / ٣٥٩. وقيل اسمه عبد الملك ، وكنيته أبو يزيد.
[٣] العبلات سموا بذلك لجدّة لهم يقال لها عبلة بنت عبيد بن خالد بن خازل بن قيس بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم (الأغاني ١ / ٢٠٩ وانظر ٢ / ٣٥٩).