responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر    جلد : 68  صفحه : 208

فات ، فأجابت بعض خطابها فتزوجها ، فلما كانت الليلة التي أراد الدخول بها ، جاءها غسان في النوم ، وقد أغفت ، فقال :

غدرت ولم ترعي لبعلك حرمة

ولم تعرفي حقّا ولم تحفظي عهدا

ولم تصبري حولا حفاظا لصاحب

حلفت له يوما ولم تنجزي وعدا

غدرت به لما ثوى في ضريحه

كذلك ينسى كل من يسكن اللحدا

فلما قال هذه الأبيات تنبّهت مرتاعة مستحيية منه ، كأنه بات معها في جانب البيت ، وأنكر ذلك من حضرها من نسائها فقلت : ما لك؟ وما حالك؟ وما دهاك؟ فقالت : ما ترك غسان لي في الحياة إربا ، ولا بعده في سرور رغبة ، أتاني في منامي الساعة فأنشدني هذه الأبيات ، ثم أنشدتها وهي تبكي بدمع غزير ، وانتحاب شديد ، فلما سمعن منها ، أخذن بها في حديث آخر لتنسى ما هي فيه ، فتغافلتهن ثم قامت فلم يدركنها حتى ذبحت نفسها حياء مما كادت تركب بعده من الغدر به ، والنسيان لعهده ، فقالت امرأة منهن : قد بلغنا أن امرأة أتاها زوجها في المنام فلامها وأنّبها في مثل هذا ، فأما القتل فما سمعنا به ، قال : وكانت المرأة القائلة هذا الكلام صاحبة شعر ورجز فقالت :

ما ذا صنعت وما ذا

لقيت من غسان

قتلت نفسك حزنا

يا خيرة النسوان

وفيت من بعد ما قد

هممت بالعصيان

إن الوفاء من الله

لم يزل بمكان

قال : فلما بلغ زوجها ، وكان يقال له : المقدام بن حبيش ، وكان قد أعجب بها ورجا أن تصير إليه ، فقال : ما كان لي مستمتع بعد غسان وقال : هكذا فليكن النساء في الوفاء ، وقلّ من يحفظ ميتا ، إنّما هي أيام قلائل حتى ينسى وعنه يسلى ، فقال هشام : صدق وبرّ ، لجاد ما أدركه عقله ، وحسن عزاؤه حين فاتته طلبته ، وأحسنت المرأة ووفت ، وأحسن الرجل وصبر.

٩٢٠٧ ـ شيخ من أهل الشام

كان في صحابة هشام بن عبد الملك ، ومن ثقاته.

قرأت بخط أبي الحسن المقرئ ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش المغربي ، عنه ، أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن سيبخت ، نا محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن

نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر    جلد : 68  صفحه : 208
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست