نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 60 صفحه : 23
عليه ، فنظر إلى رأس بني مالك فأدناه إليه ، وأجلسه معه ثم سأله : أكل القوم من بني مالك؟ فقال : نعم ، إلّا رجل [١] واحد من الأحلاف ، فعرّفه إياي ، فكنت أهون القوم عليه ، ووضعوا هداياهم بين يديه ، فسرّ بها وأمر بقبضها ، وأمر لهم بجوائز وفضّل بعضهم على بعض ، وقصّر بي ، فأعطاني شيئا قليلا ، لا ذكر له ، وخرجنا ، وأقبلت بنو مالك يشترون هدايا لأهليهم وهم مسرورون ، ولم يعرض عليّ رجل منهم مواساة ، وخرجوا وحملوا معهم الخمر ، فكانوا يشربون وأشرب معهم ، وتأبى نفسي تدعني ينصرفون إلى الطائف بما أصابوا وما حباهم الملك ويخبرون قومي بتقصيره لي وازدرائه إيّاي ، فأجمعت على قتلهم ، فلمّا كنا ببيسان [٢] تمارضت وعصبت رأسي ، فقالوا لي : ما لك؟ قلت : أصدّع ، فوضعوا شرابهم ودعوني ، فقلت : رأسي يصدّع ولكني أجلس فأسقيكم ، فلم ينكروا شيئا ، فجلست أسقيهم وأشرب القدح بعد القدح ، فلما دبّت الكأس فيهم اشتهوا الشراب ، فجعلت أصرّف لهم وأنزع الكأس فيشربون ولا يدرون ، فأهمدتهم [٣] الكأس حتى ناموا ما يعقلون ، فوثبت إليهم فقتلتهم جميعا ، وأخذت جميع ما كان معهم ، فقدمت على النبي 6 فأجده جالسا في المسجد مع أصحابه وعليّ ثياب سفري ، فسلّمت بسلام الإسلام ، فنظر إليّ [٤] أبو بكر بن أبي قحافة وكان بي عارفا ، فقال : ابن أخي عروة؟ قال : قلت : نعم ، جئت أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أن محمّدا رسول الله ، فقال رسول الله 6 : «الحمد لله الذي هداك للإسلام» فقال أبو بكر : أمن مصر أقبلتم؟ قلت : نعم ، قال : فما فعل المالكيون الذين كانوا معك؟ قلت : كان بيني وبينهم بعض ما يكون بين العرب ونحن على دين الشرك فقتلتهم وأخذت أسلابهم وجئت بها إلى رسول الله 6 ليخمسها أو يرى فيها رأيه ، فإنّما هي غنيمة من مشركين ، وأنا مسلم مصدق بمحمّد 6 ، فقال رسول الله 6 : «أمّا إسلامك فنقبله ولا آخذ من أموالهم شيئا ، ولا أخمّسه لأن هذا غدر ، والغدر لا خير فيه» ، قال : فأخذني ما قرب وما بعد ، وقلت : يا رسول الله ، ما قتلتهم وأنا على دين قومي ثم أسلمت حيث دخلت عليك الساعة ، قال : «فإن الإسلام يجبّ ما كان قبله»[١٢٣٩٤].