نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 59 صفحه : 113
خرج عمر إلى الشام هو وعبد الرّحمن بن عوف على حمار ، فاستقبلهم معاوية في موكب له رزّ [١] ، فجاوزه لم يره فقيل له : جاوزت أمير المؤمنين ، فرجع حتى إذا صار إليه نزل ، وأعرض عنه عمر ، فأمشاه حتى علّق نفسه بأرنبته ، فأقبل عليه عبد الرّحمن فقال : يا أمير المؤمنين أتعبت الرجل ، فقال : يا معاوية ، أنت صاحب الموكب آنفا مع ما بلغني من طول وقوف ذوي الحاجات ببابك؟ قال : نعم ، قال : ولم ويحك؟ قال : لأنّا في بلاد لا يمتنع فيها من جواسيس العدو ، ولا بدّ لنا مما يرهبون به ، فإن نهيتني عن ذلك انتهيت ، وإن أمرتني به أقمت ، قال : يا معاوية ، والله ما يبلغني عنك شيء أكرهه إلّا تركتني منه في أضيق من رواجب الضرس ، فإن كان الذي قلت حقا فرأي أريت ، وإنّ كان باطلا فخدعة أديت. لا آمرك به ولا أنهاك عنه ، فقال عبد الرّحمن : لحسن ما صدر الفتى عما أوردته فيه ، فقال عمر : لحسن موارده جشّمناه ما جشّمناه.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ مناولة وإذنا وقرأ عليّ إسناده ـ أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا [٢] ، نا يزداد بن عبد الرّحمن ، نا أبو موسى ـ يعني ـ تينة ، نا العتبي [٣] ، حدّثني أبي قال :
خرج عمر يسير في عمله ، فلما قرب من دمشق تلقاه معاوية في موكب له رزّ ، وعمر على حمار إلى جنبه عبد الرّحمن بن عوف على حمار آخر ، فلم يرهما معاوية ، فطواهما ، فقيل له : خلّفت أمير المؤمنين وراءك ، فرجع ، فلمّا رآه نزل عن دابته فأعرض عنه عمر ، ومشى حتى تعلق [٤] نفسه بأرنبته ، فقال له عبد الرّحمن : يا أمير المؤمنين أجهدت الرجل ، فقال عمر : يا معاوية ، أأنت صاحب الموكب آنفا مع ما يبلغني من طول وقوف ذوي الحاجات ببابك؟ فقال معاوية : نعم ، فرفع عمر صوته فقال : ولم؟ ويلك؟ فقال : إنّي في بلاد لا يمتنع فيها من جواسيس العدو ، ولا بدّ لهم مما يرهبهم من آلة السلطان ، فإن أمرتني أقمت عليه ، وإن نهيتني عنه انتهيت ، فقال عمر : يا معاوية ، والله ما بلغني عنك أمر أكرهه فأعاتبك عليه إلّا تركتني منه في أضيق من رواجب الضرس ، فإن كان ما قلت حقا إنّه لرأي أديب ، وإن