نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 54 صفحه : 350
ابن الحنفيّة [والله لو أطعتنا لضرب عنقه ، فقال ابن الحنفية][١] وعلى ما أضرب عنقه؟ جاءنا برسالة من أخيه وجاورنا فجرى بيننا وبينه كلام ، فرددناه إلى أخيه ، والذي قلتم غدر ، وليس في الغدر خير ، لو فعلت الذي تقولون لكان القتال بمكة ، وأنتم تعلمون أنّ رأيي لو اجتمع الناس عليّ كلهم إلّا إنسان واحد لما قاتلته ، فانصرف عروة ، فأخبر ابن الزبير بكلّ ما قال له محمّد بن الحنفيّة ، وقال : والله ما أرى أن تعرض له ، دعه فليخرج عنك ويغيّب وجهه ، عبد الملك أمامه ولا يتركه يحل بالشام حتى يبايعه ، وابن الحنفية لا يبايعه أبدا حتى يجتمع الناس عليه ، فإن صار كفاكه ، إمّا حبسه ، وإمّا قتله ، فتكون أنت قد برئت من ذلك ، فأفثأ ابن الزبير عنه.
قال : وأنبأنا محمّد بن سعد [٢] ، أنبأنا موسى بن إسماعيل ، حدّثنا أبو عوانة ، عن أبي جمرة [٣] قال : كنت مع محمّد بن علي فسرنا من الطائف إلى أيلة بعد موت ابن عبّاس بزيادة على أربعين ليلة ، قال : وكان عبد الملك قد كتب لمحمّد عهدا على أن يدخل في أرضه هو وأصحابه حتى يصطلح الناس على رجل ، فإذا اصطلحوا على رجل بعهد من الله وميثاق كتبه عبد الملك ، فلمّا قدم محمّد الشام بعث إليه عبد الملك : إمّا أن تبايعني وإمّا أن تخرج من أرضي ، ونحن يومئذ معه سبعة آلاف ، فبعث إليه محمّد بن علي : على أن تؤمن أصحابي ، ففعل ، فقام محمّد ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إنّ الله وليّ الأمور كلّها ، وحاكمها ، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، كلّ ما هو آت قريب ، عجلتم بالأمر قبل نزوله ، والذي نفسي بيده إنّ في أصلابكم لمن يقاتل مع آل محمّد [ما يخفى على أهل الشرك أمر آل محمّد وأمر آل محمّد مستأخر ، والذي نفس محمّد بيده ليعودن فيكم][٤] كما بدأ ، الحمد لله الذي حقن دماءكم وأحرز دينكم! من أحبّ منكم أن يأتي مأمنه إلى بلده آمنا محفوظا فليفعل ، فبقي معه تسع مائة رجل ، فأحرم بعمرة ، وقلّد هديا ، فعمدنا إلى البيت ، فلمّا أردنا أن ندخل الحرم تلقتنا خيل ابن الزبير ، فمنعتنا أن ندخل ، فأرسل إليه محمّد : لقد خرجت وما أريد أن أقاتلك ، ورجعت ما أريد أن أقاتلك ، دعنا فلندخل فلنقض نسكنا ثم لنخرج عنك ، فأبى ، ومعنا البدن قد قلّدناها ، فرجعنا إلى المدينة ، فكنا بها حتى قدم الحجّاج فقتل ابن الزبير ، ثم صار إلى البصرة والكوفة ، فلمّا سار مضينا فقضينا نسكنا ، وقد رأيت القمل يتناثر من محمّد