محمّد بن أحمد بن موسى أبو عبد الله الواعظ الشّيرازي ، قدم بغداد ، وأقام بها مدة يتكلم على الناس بلسان الوعظ ، ويشير إلى [٢] الزهد ، ويلبس المرقعة ، ويظهر عزوف النفس عن طلب الدنيا ، فافتتن الناس به لما رأوا من حسن طريقته ، وكان يحضر مجلس وعظه خلق لا يحصون ، وعمّر مسجدا خرابا بالشونيزية فسكنه ، وسكن فيه جماعة من الفقراء ، وكان يعلو سطح المسجد في جوف الليل ، ويذكر الناس ، ثم إنه قبل ما كان [٣] يوصل به بعد امتناع شديد كان يظهره من قبل ، وحصل له ببغداد مال كثير ، ونزع المرقعة ولبس الثياب الناعمة الفاخرة ، وجرت له أقاصيص وصار له تبع وأصحاب ، ثم أظهر أنه يريد الغزو ، فحشد الناس إليه وصار معه من أتباعه عسكر كبير ، ونزل بظاهر البلد من أعلاه. وكان يضرب له بالطبل في أوقات الصلوات ، ورحل إلى الموصل ثم رجع جماعة من أتباعه ، وبلغني أنه صار إلى نواحي أذربيجان واجتمع إليه أيضا جمع وضاهى أمير تلك الناحية ، وقد كان حدث ببغداد عن علي ابن عمر بن محمّد القصّار الرازي ، ومحمّد بن عمر بن خزر الهمداني ، وإسماعيل بن محمّد ابن أحمد بن حاجب الكشاني ، وأحمد بن محمّد بن عمران بن الجندي وغيرهم ، وكتبت [٤] عنه أحاديث يسيرة ، وذلك في سنة عشر وأربعمائة ، وحدّثني عنه بعض أصحابنا بشيء يدل على ضعفه في الحديث.
أن أبا بكر الشّيرازي مات بنواحي أذربيجان في سنة تسع وثلاثين وأربعمائة.
قال لنا أبو بكر يحيى بن إبراهيم السّلماسي : مات النذير أبو عبد الله محمّد بن أحمد ابن موسى الشّيرازي ـ ; ـ بتبريز في شهر ربيع الآخر سنة تسع وثلاثين وأربع مائة.