نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 50 صفحه : 252
فلمّا أصحر [١] تنفس صعداء ثم قال لي : يا كميل بن زياد ، إنّ هذه القلوب أوعية ، وخيرها أوعاها للعلم ، احفظ عني ما أقول لك ، الناس ثلاثة : عالم ربّاني ، ومتعلّم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع أتباع كلّ ناعق ، يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق ، يا كميل بن زياد ، العلم خير من المال ، العلم يحرسك وأنت تحرس المال ، المال ينقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق ، يا كميل بن زياد ، محبد العالم دين يدان تكسبه الطاعة في حياته ، وجميل الأحدوثة بعد وفاته ، ومنفعة المال تزول بزواله ، العلم حاكم والمال محكوم عليه ، يا كميل مات خزّان المال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة ، وإن هاهنا ـ وأشار إلى صدره ـ لعلما جما ، لو أصبت حملة بلى أصبت لقنا غير مأمون يستعمل آلة الدين [٢] بالدنيا ، وذكر الحديث [٣].
كذا [٤] [في أصل][٥] ابن رزق [٦] ، وذكر لنا أن الشافعي قطعه من هاهنا فلم يتمه.
ما أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن سهل بن عمر ، وأبو القاسم تميم بن أبي سعيد بن أبي العبّاس [٨] ، قالا : أنبأنا أبو سعد محمّد بن عبد الرّحمن بن محمّد ، أنبأنا أبو أحمد محمّد بن محمّد بن أحمد بن إسحاق ، أنبأنا أبو جعفر محمّد بن الحسين الخثعمي بالكوفة ، حدّثنا إسماعيل بن موسى الفزاري ، أنبأنا عاصم بن حميد الحنّاط [٩] ، أو رجل عنه ، حدّثنا ثابت بن أبي صفية أبو حمزة الثّمالي ، عن عبد الرّحمن بن جندب ، عن كميل بن زياد النخعي ، قال :
أخذ علي بيدي فأخرجني إلى ناحية الجبّان ، فلما أصحرنا ، جلس ثم تنفس ، ثم قال : يا كميل بن زياد القلوب أربعة : فخيرها أوعاها ، احفظ ما أقول لك ، الناس ثلاثة : فعالم ربّاني ، وعالم متعلّم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق ، العلم خير من المال ، العلم يحرسك وأنت
[١] أصحر القوم إذا برزوا إلى الفضاء ، لا يواريهم فيه شيء.