قرأت بخط أبي عبد الله الحسين بن الحسن بن علي بن الميمون الرّبعي ، أنا أبو محمّد عبد الله بن عطية ، حدثني أبو علي الحسن بن حبيب بن عبد الملك ، حدّثني صالح بن مسافر الكاتب قال : وجّه أحمد بن طولون ـ وكان بمصر ـ إلى أحمد بن مدبّر إلى دمشق بغلام يقال له اينح [٢] فلما قدم عليه حبسه وضيق عليه ، فكتب إليه رقعة من الحبس ، ودفعها إلى من كان يتولى خدمته ، وأمره أن لا يدفعها إلّا في يد ابن طولون فأوصلها إليه ، فدعا ابن طولون بكاتبه ابن حدار [٣] ـ وكان شاعرا أديبا ـ فقال له : اقرأ ، فقرأ فإذا فيها مكتوب :
أريت قبيل الصّبح رؤيا كأننا
جميعا على سطح ينيف بنا السطح
إذا فارس يهوى إلى السطح مقبلا
أخو شكّة برهانه السيف والرمح
يلوّح بالبشرى إليك مبادرا
بعقب كتاب الفتح إذ قرئ الفتح
وقل لي فدتك النفس من كل حادث
وإن بان بالنفس النفاسة والشحّ
أما كان دون الحبس للمرء معتب
بتمويه واش شأنه القذف والقدح؟
يصرّح بالبهتان تصريح مازن
ويا ربّ جدّ قاده اللعب والمزح
فقال لابن حدار [٣] : أجبه ، فقال : بالرضا أم بالسخط؟ فقال : لا بل بالسخط. فقلب الرقعة وكتب في ظهرها :