قال أبو سعيد : وأخذني الاستقلال من ساعتي وقمت ومشيت. وقال ابن جهضم : سمعت محمد بن بسام المؤذن يقول : سمعت الزّقّاق يقول : سمعت أبا سعيد الخرّاز يقول : الزهد أن لا يرغب قلبك في مرغوب [٢] الدنيا ، ولا يسكن إلى موجودها.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا أبو بكر الخطيب [٣] ، أنا أبو حازم العبدوي ، حدثني علي بن عبد الله بن جهضم بمكة ، حدثني أبو بكر السّنجاري [٤] ، حدثني أبو بكر الزقاق ، حدثني أبو سعيد الخرّاز قال : كنت بمكة ومعي رفيق لي من الورعين ، فأقمنا ثلاثة أيام لم نأكل شيئا ، وكان بحذائنا فقير معه كويزة [٥] وركوة مغطاة بقطعة خيش ، وربما كنت أراه يأكل خبز حوّارى [٦] فقلت في نفسي : والله لأقولن لهذا : نحن الليلة في ضيافتك فقلت له ، فقال لي : نعم وكرامة. فلما جاء وقت العشاء جعلت أراعيه ولم أر معه شيئا ، فمسح يده على سارية ، فوقع على يده شيء ، فناولني فإذا درهمين [٧] ليس يشبه الدراهم ، فاشترينا خبزا وإداما. فلما مضى لذلك مدة جئت إليه وسلّمت عليه ، وقلت : إني ما زلت أراعيك تلك الليلة ، أنا أحبّ أن تعرّفني بما وصلت إلى ذلك؟ فإن كان يبلغ بعمل حدثتني ، فقال : يا أبا سعيد ما هو إلّا حرف واحد ، قلت : ما هو؟ قال : تخرج قدر الخلق من قلبك تصل إلى حاجتك.