نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 48 صفحه : 66
فأقبل يرسف في قيده ، فلمّا دخل عليه سلّم ، فقال الحجاج : كيف ترى قبّتي هذه؟ فقال : بنيت في غير بلدك ، لغير ولدك ، لا يسكنها وارثك ، ولا يدوم لك بقاؤها كما لم يدم مالك ، ولم يبق فان ، وأما هي فكأن لم تكن ، قال : صدقت ، ردّوه إلى السجن ، فإنّه صاحب الكلمة التي بلغتني عنه ، قال : أصلح الله الأمير ، ما ضرت من قيلت فيه ، ولا نفعت من قيلت له ، قال : أتراك تنجو مني ، لأقطعن يديك ورجليك ، ولأكوينّ عينيك ، قال : ما يخاف وعيدك البريء ، ولا ينقطع منك رجاء المسيء ، قال : لأقتلنك إن شاء الله ، قال : بغير نفس والعفو أقرب للتقوى ، قال له الحجاج : إنّك لسمين قال : لمكان القيد والرّتعة [١] ، ومن يكن جار الأمير يسمن ، قال الحجاج : ردّوه إلى السجن ، قال : أصلح الله الأمير ، قد أثقلني الحديد فما أطيق المشي ، قال : احملوه [٢] لعنه الله ، فلمّا حملته الرجال على عواتقها قال : (سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ)[٣] ، قال : أنزلوه أخزاه الله ، قال : اللهم (أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ)[٤] ، قال : جرّوه أخزاه الله ، فقال : (بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)[٥] ، فقال الحجاج : ويحكم اتركوه فقد غلبني بحجته.
قال القاضي أبو الفرج [٦] : قول الغضبان في وصفه للحجاج كرمان : ماؤها وشل يعني به الماء القليل كماء الأنهار الصغار والجداول التي ليست كالبحور ، والأودية العظيمة يريد الخبر عن قلته كما قال الشاعر [٧] :
[٦] يعني المعافى بن زكريا الجريري النهرواني صاحب كتاب الجليس الصالح.
[٧] البيت في تاج العروس (وشل) منسوبا لأبي القمقام الأسدي ، جاء فيه أن الوشل المراد به جبل عظيم بتهامة. وانظر معجم البلدان (الوشل) وفيه البيت من أبيات ، واللسان والصحاح.
[٨] كذا بالأصل والجليس الصالح ، وفي تاج العروس : هجرت.
[٩] ديوان جرير (ط بيروت) من قصيدة يهجو الأخطل. ص ٤٣٨.
نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 48 صفحه : 66