نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 48 صفحه : 60
كان غسّان بن عبد الملك عابدا سيدا فاضلا مطعاما للطعام ، كثير العطاء لمن اعتراه وانقطع إليه ، وكان عطاؤه ألفين ، فلما انقطع في العبادة ترك ديوانه ، فأضرّ به ذلك ، فوفد إلى هشام بن عبد الملك ، فأكرمه وقرّب مجلسه ، وسأله أن يفكّ عنه الحلقة وأن يعطيه عطاءه ففعل فسأله بعد ذلك شيئا فقال : حاجة أخرى بعد فكّ الحلقة ، وكان ربما أعطى ماله وتصدّق حتى يرجع إلى أهله في سراويل ، فلا يحضره الشيء فيدخل منزله فيأخذ الداجن ليعطيها السائل.
ووفد على يزيد بن عبد الملك ، فدفع إليه غلامين من آل المهلّب فقتلهما بأبيه مالك ، وعمّه عبد الملك ابني مسمع ، وكان قتلهما معاوية بن يزيد بن المهلّب بواسط حين انتهى إليه قتل أبيه يزيد بالعقر [٢] كما ذكر عوانة بن الحكم ، وحكاه عبد الله بن سعدة القطربلي.
قرأت بخط أحمد بن محمّد الدلوي فيما ذكر أنه نقله من خط الحسن بن الحسين السكري ، وأظنه حكاه عن غيره قال : وحدّثني عمي عبيد الله بن شيبان قال :
لما حبس الحجاج مسمع بن مالك وفد عليه [٣] غسّان بن مالك بن مسمع إلى عبد الملك بن مروان قال : فاستأذنت عليه فأذن لي ، فدخلت عليه وهو في مجلس ، وفي ذلك المجلس باب إلى بيت عليه ستر مرخى ، فقال لي : ما أزعجك يا بن مالك وأشخصك إلينا؟ قلت : أصلحك الله ، أمير المؤمنين ، حبس الحجاج مسمع بن مالك في غير ذنب ولا جرم ، ففزعت إلى أمير المؤمنين في ذلك ، قال غسّان : فسمعت تصفيقا من البيت وكلاما خفيا : والله ما يريد الحجاج أن يدع أحدا من أهل الطاعة وأهل المعصية ، أيحبس مثل مسمع بن مالك؟ ثم دعا [٤] بكاتبه فقال : اكتب إلى الحجاج : والله لئن أقدمت على مسمع بشيء لأقدمنّ
[١] قارن نسبه مع نسب غسان بن عبد الملك بن مسمع ، وارجع إلى جمهرة ابن حزم ٣٢٠ و ٣٢١.
[٢] العقر : بفتح أوله وسكون ثانيه ، وهو عدة مواضع. منها : عقر بابل قرب بابل ، قتل عنده يزيد بن المهلب بن أبي صفرة سنة ١٠٢ وكان قد خلع طاعة بني مروان (معجم البلدان).