responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر    جلد : 48  صفحه : 372

ومن يعطيني هذا القدر من المال؟ وعند من أجده؟ فكان ذلك يسوؤه ، وأعرفه في وجهه ، فلما كثر هذا من فعله ركبت إليه يوما ، فقلت له مستخليا به : يا أبا العباس ؛ إن الناس يدخلون بيني وبينك بما أكره وتكره ، وعلى ذلك فما أدع نصيحتك وأداء ما يجب عليّ في الحق لك ، وقد أراك كثيرا مما ترد على أمير المؤمنين أجوبة غليظة تمرضه ، وتقدح في قلبه ، والسلطان لا يحمل هذا لابنه ، لا سيما إذا كثر ذلك وغلظ ، قال : وما ذاك يا أبا عبد الله؟ قلت : أسمعه كثيرا ما يقول لك : نحتاج إلى كذا وكذا من المال فنصرفه في وجه كذا وكذا ، فتقول : من يعطيني هذا! وهذا ما لا يحتمله الخلفاء ، قال : فما أصنع إذا طلب مني ما ليس عندي؟ قلت : تصنع أن تقول : نحتال في ذلك بحيلة ، فتدفع عنك إلى أن يتهيّأ وتحمل إليه بعض ما يطلب وتسوّفه بالباقي ، قال : نعم ، أفعل وأصير إلى ما أشرت به ، قال : فو الله لكأني كنت أغريه بالمنع ، فكان إذا عاود مثل ذلك من القول ، عاد إلى ما يكره من الجواب ، قال : فلمّا كثر ذلك عليه ، دخل يوما عليه وبين يديه حزمة نرجس غضّ ، فأخذها المعتصم فهزّها ثم قال : حيّاك الله يا أبا العباس ، فأخذها الفضل بيمينه ، وسلّ المعتصم خاتمه من اصبع يساره وقال له بكلام خفي : أعطني خاتمي ، فانتزعه من يده ووضعه في يد ابن عبد الملك.

كتب إليّ أبو نصر بن القشيري ، أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا الحاكم أبو عبد الله قال : سمعت أبا منصور ـ يعني ـ محمّد بن عبد الله بن حمشاد [١] الأديب يقول : سمعت بعض أهل الأدب يذكر أن الفضل بن مروان خرج يوما فرأى مكتوبا في حائط داره [٢] :

تفرعنت يا فضل بن مروان فاعتبر

فبتلك كان الفضل والفضل والفضل

ثلاثة أملاك مضوا لسبيلهم

أبادهم [٣] التنكيل والحبس والقتل

وإنّك قد أصبحت في الناس لعبة

ستؤدي كما أودى الثلاثة من قبل


[١] ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٦ / ٤٩٨.

[٢] الأبيات في وفيات الأعيان ٤ / ٤٥ وقال في مناسبتها أنه كان قد جلس يوما لقضاء أشغال الناس ورفعت إليه قصص العامة ، فرأى جملتها رقعة مكتوبا فيها.

وشذرات الذهب ٢ / ١٢٢ وسير الأعلام ١٢ / ٨٥ الأول والثاني.

[٣] في وفيات الأعيان :

أبادتهم الأقياد والحبس والقتل

وفي سير الأعلام :

أبادتهم الأقياد والذل والقتل

ونقل ابن خلكان نقلا عن المرزباني والزمخشري أن هذه الأبيات للهيثم بن فراس السامي.

نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر    جلد : 48  صفحه : 372
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست