نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 3 صفحه : 429
قد جنبوا الجياد وأعدّوا للجلاد ، مجدين في مسيرهم ، حازمين في أمرهم ، يسيرون ذميلا ، يقطعون ميلا فميلا ، حتى أناخوا عند مسجد النبي 6. فأقبل الجارود على قومه والمشايخ من بني عمه فقال : يا قوم هذا محمّد الأغرّ سيد العرب ، وخير ولد عبد المطلب ، فإذا دخلتم عليه ، ووقفتم بين يديه ، فأحسنوا عنده السلام ، وأقلوا عنده الكلام. فقالوا بأجمعهم : أيها الملك الهمام والأسد الضرغام ، لن نتكلم إذا حضرت ولن نجاوز ما [١] أمرت ، فقل ما شئت ، فإنّا سامعون ، اعمل ما شئت فإنا تابعون [٢] ـ وقال الصابوني : مبايعون ـ فنظر الجارود في كل كميّ صنديد ، قد دوّموا العمائم ، وتزوا [٣] بالصوارم [٤] ، يجرون [٥] أسيافهم ويستحبون أذيالهم ، يتناشدون الأشعار ، ويتذاكرون مناقب الأخيار لا يتكلمون طويلا ، ولا يسكتون عيّا : إن أمرهم ائتمروا ، وإن زجرهم ازدجروا ـ وقال الصابوني : انزجروا ـ كأنهم أسد [٦] يقدمها ذو لبدة مهول حتى مثلوا بين يدي النبي 6 ، فلما دخل القوم المسجد وأبصرهم أهل المشهد دلف الجارود أمام النبي 6 وحسر لثامه [٧] وأحسن سلامه ثم أنشأ يقول :