نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 3 صفحه : 317
رويت ، ثم حلب وأسقى أصحابه فشربوا حتى رووا ، وشرب آخرهم [وقال : «ساقي القوم آخرهم»][١] فشربوا جميعا عللا بعد نهل حتى أراضوا [٢] ثم حلب فيها ثانيا عودا على بدء فغادره عندها ثم ارتحلوا عنها ، فقلّ ما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق غنمه [٣] أعنزا عجافا ، هزلا ، مخّهنّ قليل لا نقي بهن ، فلما رأى اللبن قال : من أين لكم اللبن هذا والشاء عازبة؟ قالت : لا والله إلّا أنه مرّ بنا رجل مبارك. كان من حديثه كيت وكيت. قال : والله إني لأراه صاحب قريش الذي يطلب ، صفيه لي يا أم معبد. قالت [٤] : رأيت رجلا ظاهر الوضاءة متبلّج الوجه ، حسن الخلق ، لم تعبه ثجلة ، ولم تزر به صقلة [٥] ، وسيم قسيم ، في عينيه دعج ، وفي أشفاره وطف ، وفي صوته ضحكة [٦] ، أحور أكحل ، أزج أقرن ، رجل في عنقه سطع [٧] ، وفي لحيته كثافة ، إذا صمت فعليه الوقار ، وإذا تكلم سما [٨] وعلاه البهاء كأن منطقه خرزات نظم [٩] ينحدرن ، فصل لا نزر [١٠] ولا هذر ، أزهر اللون ، يعني أجهر الناس ، وأجمل الناس من بعيد ، وأحلاه وأحسنه من قريب ، ربعة لا تشنؤه من طول ، ولا تقتحمه عين من قصر ، غصن بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظرا ، وأحسنهم قدرا له رفقاء يحفون به. إن قال استمعوا لقوله وإن أمر تبادروا إلى أمره محفود محشود [١١] ، لا عابس [١٢] ولا قابح [١٣] ولا متنح [٧٠٩].