نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 29 صفحه : 74
الحارث بن عبد المطلّب أن عمرو بن العاص يعيب بني هاشم ويقع فيهم وينتقصهم [١] ، وكان يكنى أبا الهيّاج ، فغضب لذلك وزوّر كلاما يلقى به عمرا ، ثم قدم على معاوية ليس أكثر سفره إلّا ليشتم عمرو بن العاص ، فدخل على معاوية مرارا ، لم يتفق له ما يريد ، ثم دخل عليه يوما وعنده عمرو ، فجاء الإذن ، فقال : هذا عبد الله بن جعفر قد قدم وهو بالباب ، قال : ائذن له ، فقال عمرو : يا أمير المؤمنين لقد أذنت لرجل كثير الخلوات للتمني [٢] ، والطربات للتغني ، صدوف عن السنان ، محبّ للقيان ، كثير مزاحه ، شديد طماحه ، ظاهر الطيش ، لين العيش ، أخاذ للسلف ، صفّاق للشرف ، فقال عبد الله بن أبي سفيان : كذبت يا عمرو ، وأنت أهله ليس هو كما وصفت ، ولكنه لله ذكور ، ولبلائه شكور ، وعن الخنا زجور ، سيّد كريم ، ماجد صميم ، جواد حليم ، إن ابتدأ أصاب ، وإن سئل أجاب ، غير حصر ولا هيّاب ، ولا فاحش غيّاب ، كذلك قضى [٣] الله في الكتاب ، فهو كالليث الضرغام ، الجريء المقدام ، في الحسب القمقام ، ليس بدعيّ ولا دنيّ ، كمن اختصم فيه من قريش شرارها ، فعلت [٤] عليه حرارها ، فأصبح ينوء بالذليل ويأوي فيها إلى القليل ، مذبذب [٥] بين حيين ، كالساقط بين المهدين ، لا المعتري إليهم قبلوه ولا الظاعن عنهم فقدوه ، فليت شعري بأي حسب بنازل [٦] للنصال؟ أم بأي قديم يعرّض للرجال ، أبنفسك ، فأنت الجبان الوغد الزنيم ، أم بمن تنتمي [٧] إليه ، فأهل السفه والطيش والدناءة في قريش؟ لا يشرف في الجاهلية شهر ولا تقديم في الإسلام ذكر ، غير أنك تنطق بغير لسانك ، وتنهض بغير أركانك ، وأيم الله ، إن كان لأسهل للوعث ، وألمّ للشعث ، أن يكمعك [٨] معاوية عن ولوغك [٩] بأعراض قريش كعام الضبع في وجارها ، فإنك لست لها بكفي ، ولا لأعراضها بوفي.