نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 28 صفحه : 228
قال : وأنا محمّد بن عمر ، حدّثني نافع بن ثابت ، عن عبد الله مولى أسماء قال [١] :
لما قتل عبد الله خرجت إليه أمّه حتى وقفت عليه ، وهي على دابة ، فأقبل الحجّاج في أصحابه ، فسأل عنها فأخبر بها ، فأقبل حتى وقف عليها ، فقال : كيف رأيت نصر الله الحق ، وأظهره؟ قالت : وبما أديل الباطل على الحق وإنك بين فرثها والجيّة ، قال : إن ابنك ألحد في هذا البيت ، وقال الله : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ)[٢] وقد أذاقه الله ذلك العذاب الأليم [٣] ، قطع السبيل ، قالت : كذبت ، كان أوّل مولود ولد [٤] في الإسلام بالمدينة ، وسرّ به رسول الله 6 ، وحنكه بيده ، فكبّر المسلمون يومئذ حتى ارتجّت المدينة فرحا به ، وقد فرحت أنت وأصحابك بمقتله ، فمن كان فرح يومئذ به [٥] خيرا منك ومن أصحابك ، وكان مع ذلك برا بالوالدين ، صوّاما ، قوّاما بكتاب الله عزوجل ، معظّما لحرم الله ، يبغض أن يعصي الله ، أشهد على رسول الله 6 لسمعته يقول : «سيخرج من ثقيف كذابان ، الآخر منهما شرّ من الأول ، وهو مبير» ، وهو أنت ، فانكسر الحجّاج وانصرف ، وبلغ ذلك عبد الملك ، فكتب إليه يلومه في مخاطبته أسماء ، وقال : ما لك ولابنة الرّجل الصالح [٥٩١٤].
قال : وأنا محمّد بن عمر ، نا شرحبيل بن أبي عون ، عن أبيه قال :
كان عبد الله بن الزبير قد قشم جلده على عظمه ، كان يصوم الدهر ، فإذا أفطر ، أفطر على لبن الإبل ، وكان يمكث الخمس والست لا يذهب لحاجته ، وكان يشرب المسك ، وكان بين عينيه سجدة مثل مبرك البعير ، فلما قتله الحجّاج صلبه على الثنية التي بالحجون يقال له كداء [٦] ، فأرسلت أسماء إليه : قاتلك الله ، علام تصلبه؟ فقال : إنّي استبقت أنا وابنك إلى هذه الخشبة ، فكانت [٧] به ، فأرسلت إليه تستأذنه في أن
[١] الخبر في تاريخ الإسلام (حوادث سنة ٦١ ـ ٨٠ ص ٤٤٦) وسير أعلام النبلاء ٣ / ٣٧٨ وفيهما «أكثر» بدل من «أكبر».