فبلغ ذلك عليا فقال [١] :
لأصبحن العاصي بن العاصي
سبعين ألفا عاقدي النواصي
محبسين الخيل بالقلاصي [٢]
مستحقين حلق الدّلاصي
فلما سمع ذلك معاوية قال : ما أرى ابن أبي طالب إلّا وقد وفى لك ، فجاء معاوية يتأنى [٣] في مسيره ، وكتب إلى من كان يرى أنه يخاف عليا ، أو طعن عليه ، ومن أعظم دم عثمان فاستغواهم عليه [٤] ، فلما رأى ذاك الوليد بعث إليه [٥] :
ألا بلّغ معاوية بن حرب
فإنك من أخ ثقة مليم
وإنّك والكتاب إلى عليّ
كدابقة وقد حلم الأديم
يمنّيك [٦] الإمارة كل كرب
لانقاض [٧] العراق بها رسيم
وليس أخو التّرات من توانا
ولكن طالب الترة الغشوم [٨]
ولو كنت القتيل وكان حيا
لجرحلا ألف ولا سووم [٩]
ولا نكل عن الأوثان [١٠] حتى
يسيرها ولا برم جثوم
وقومك بالمدينة قد أبيروا
فهم صرعى كأنهم الهشيم
قال غير أبي بكر الهذلي : فدعا معاوية شدّاد بن قيس كاتبه فقال : ابتغى طومارا ، فأتاه شدّاد بطومار فأخذ القلم يكتب فقال : لا تعجل ، اكتب :
ومستعجب ما يرى في آبائنا
ولو زيّنته الحرب لم يترمرم [١١]
وقال : اطو الطومار ، فأرسل به إلى الوليد ، فلما فتحه لم يجد فيه غير هذا البيت.
[١] الرجز في تاريخ الطبري (بولاق) ٥ / ٢٣٦ ووقعة صفين ص ١٣٦ وفتوح ابن الأعثم بتحقيقنا ٢ / ٣٧٥.
[٢] في المصادر : قد جنبوا الخيل مع القلاص.
[٣] غير واضحة بالأصل ورسمها : «ثباتا» ولعل الصواب ما أثبت. (٤) كذا بالأصل.
[٥] بعض الأبيات في نسب قريش ص ١٤٠ منسوبة للوليد بن عقبة بن أبي معيط.
[٦] في نسب قريش : يمنيك الخلافة ، وبالأصل : تمنيك.
[٧] في نسب قريش : «لأنضاء» وفي مختصر ابن منظور ١٠ / ٢٨٣ : لا يفاض.
[٨] بالأصل : العسوم ، وتمام رواية البيت في نسب قريش :
لك الخيرات ، فاحملنا عليهم
فإن الطالب الترة الغشوم
[٩] كذا عجزه بالأصل ، وسقط من نسب قريش ، وروايته في المختصر :
لجرّد لا أليف ولا سئوم
[١٠] في المختصر : الأوتار.
[١١] كذا روايته بالأصل ، والبيت لأوس بن حجر ، ديوانه ط بيروت ص ١٢١ ونسب قريش ص ١٤٠ :
ومستعجب مما يرى من أناتنا
ولو زبنته الحرب لم يترمرم