نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 21 صفحه : 348
عمر بن الخطاب أمير المؤمنين وأبلغه مني السّلام ، وأخبره بما قد رأيت وعاينت ، وبما قد حدثتنا العيون وبما استقر عندك من كثرة العدو ، والذي رأى المسلمون من الرأي من التنحي ، وكتب معه : بسم الله الرّحمن الرحيم فذكر الكتاب.
قال سفيان بن عوف : فلما أتيت عمر فسلّمت عليه ، قال : أخبرني بخبر الناس ، فأخبرته بصلاحهم ودفع الله عزوجل عنهم ، قال : فأخذ الكتاب فقال لي : ويحك ما فعل المسلمون؟ فقلت : أصلحك الله خرجت من عند هم ليلا بحمص وتركتهم وهم يقولون : نصلّي الصبح ونرتحل إلى دمشق ، وقد أجمع رأيهم على ذلك. قال : فكأنه كرهه ، ورأيت ذلك في وجهه ، فقال لي : وما رجوعهم عن عدوهم وقد أظفر هم الله بهم في غير موطن! وما تركهم أرضا [١] قد حووها [٢] وفتحها الله عليهم فصارت في أيديهم؟ إني لأخاف أن يكونوا قد أساءوا الرأي ، وجاءوا بالعجز ، وجرّوا عليهم العدو. قال : فقلت له : أصلحك الله إنّ الشاهد يرى ما لا يرى الغائب ، إن صاحب الروم قد جمع لنا جموعا لم يجمعها هو ولا أحد كان قبله لأحد كان قبلنا ، ولقد جاء بعض عيوننا إلى عسكر واحد من عساكرهم ، أمر بالعسكر في أصل الجبل فهبطوا من الثنية نصف النهار إلى عسكرهم فما تكاملوا فيها حتى أمسوا ، ثم تكاملوا حين ذهب أول الليل ، هذا عسكر واحد من عساكرهم فما ظنّك بمن قد بقي؟ فقال عمر : لو لا أني ربما كرهت الشيء من أمرهم يصنعونه فإذا الله يخير لهم في عواقبه لكان هذا رأي أنا له كاره ، أخبرني أجمع رأي جماعتهم على التحول؟ قال : قلت : نعم ، قال : فإن الله إن شاء الله لم يكن يجمع رأيهم إلّا على ما هو خير لهم.
أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى التّستري ، نا خليفة العصفري [٣] قال : وكتب عثمان إلى معاوية أن يغزي بلاد الروم ، فوجّه يزيد بن الحر العبسي ثم عبد الرّحمن بن خالد بن الوليد على الصّائفتين جميعا ثم عزله وولّى سفيان بن عوف الغامدي ، فكان سفيان يخرج على البر ، ويستخلف على البحر جنادة بن أبي أمية ، فلم يزل كذلك حتى مات