responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر    جلد : 16  صفحه : 82

فلما أراد أن يغدو سائرا إلى الشام لبس سلاحه ، وأمر إخوته فلبسوا أسلحتهم : عمرو ، والحكم ، وغلمته ومواليه ، ثم أقبلوا من العسكر إلى أبي بكر الصّدّيق ، فصلّوا معه الغداة في مسجد رسول الله 6 فلما انصرفوا قام إليه إخوته فجلسوا إليه فحمد الله خالد [١] وأثنى عليه ثم قال :

يا أبا بكر ، إن الله قد أكرمنا وإياك والمسلمين طرا بهذا الدين فأحق من أقام السّنّة وأمات البدعة ، وعدل في السيرة الوالي على الرعية ، كلّ امرئ من هذا الدين محقوق بالإحسان إلى إخوانه ، ومعدلة الوالي أعم نفعا ، فاتّق الله يا أبا بكر فيما ولّاك الله من أمره ، وارحم الأرملة واليتيم ، وأعن الضعيف والمظلوم ، ولا يكن رجل من المسلمين إذا رضيت عنه آثر في الحق عندك منه إذا سخطت عليه ، ولا تغضب ما قدرت عليه ، فإن الغضب يجرّ الجور ، ولا تحقد وأنت تستطيع ، فإن حقدك على المسلم يجعله لك عدوا ، فإن اطلع على ذلك منك عاداك ، فإذا عادت الرعية الراعي كان ذلك مما يكون إلى هلاكهم داعيا ، ولن للمحسن واشتد على المريب ، ولا تأخذك [٢] في الله لومة لائم.

ثم قال : هلمّ يدك يا أبا بكر أودعك ، فإني لا أدري هل تلقاني في الدنيا أبدا أم لا؟

فإن قضى الله لنا الالتقاء فنسأل الله لنا عفوه وغفرانه ، وإن كانت هي الفرقة التي ليس بعدها لقاء فعرّفنا الله وإياك وجه النبي 6 في جنات النعيم ، ثم أخذ أبو بكر بيده وبكى وبكى المسلمون ، وظنوا أنه يريد الشهادة فطال بكاؤهم.

قال : ثم إن أبا بكر قال له : انتظرني حتى أمشي معك ، قال : ما أريد أن تفعل ، قال : لكني أنا أريد ذلك ، ومن أراده من المسلمين ، وقام الناس معه مشيّعا ، فما زال يمشي معه حتى كثر من يشيّع خالدا.

قال : فما رأى الناس مشيّعا من المسلمين معه من الناس من الصالحين أكثر مما شيّع خالد بن سعيد وإخوته يومئذ.

فلما خرج من المدينة قال له أبو بكر : قد أنصفت لك إذ أوصيتني برشدي ، وقد وعيت وصيتك ، فأنا مرضيك فاسمع وصيتي :


[١] الأصل : «خالدا» والمثبت عن م.

[٢] الأصل : يأخذك ولم تعجم الياء في م.

نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر    جلد : 16  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست