نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 12 صفحه : 60
قال : وأنبأنا الحسن بن علي ، نبأنا محمّد بن عبد الله ، عن عبد الواحد بن زيد [١] أن حبيبا أبا محمّد جزع جزعا شديدا عند الموت ، فجعل يقول بالفارسيّة : أريد أن أسافر سفرا ما سافرته قط ، أريد أن أسلك طريقا ما سلكته قط ، أريد أن أزور سيدي ومولاي ما رأيته قط ، أريد أن أشرف على أهوال ما شهدت مثلها قط ، أريد أن أدخل تحت التراب فأبقى إلى يوم القيامة ، ثم أوقف بين يدي الله عزوجل فأخاف أن يقول لي : يا حبيب هات تسبيحة واحدة سبّحتني في ستين سنة لم يظفر بك الشيطان فيها بشيء. فما ذا أقول وليس لي حيلة؟ أقول : يا ربّ هو ذا ، قد أتيتك مقبوض اليدين إلى عنقي. قال عبد الواحد : هذا عبد الله ستين سنة مشتغلا به ، ولم يشتغل بشيء من الدنيا قط فأيش يكون حالنا وا غوثاه بالله [٢].
أخبرنا أبو القاسم الواسطي ، نبأنا أبو بكر الخطيب ، حينئذ ، وأخبرنا أبو القاسم السّمرقندي ، أنبأنا أبو بكر بن الطبري ، أنبأنا علي بن محمّد بن عبد الله المعدّل ، أنبأنا الحسين بن صفوان البرذعي ، نبأنا عبد الله بن أبي محمّد بن أبي الدنيا ، حدثني محمّد بن عمر المقدّمي ، نبأنا سعيد بن عامر ، نبأنا أبو الفضل كثير بن سيار قال : دخلنا على حبيب أبي محمّد وهو بالموت فقال : أريد أن آخذ طريقا لم أسلكه قط لا أدري ما يصنع بي قلت : أبشر يا أبا محمّد ، أرجو أن لا يفعل بك إلّا خيرا ، قال : ما يدريك ليت تلك الكسرة الخبز التي أكلناها لا تكون سمّا علينا ، انتهى.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنبأنا رشأ بن نظيف ، أنبأنا الحسن بن إسماعيل ، أنبأنا أحمد بن مروان ، أنبأنا يوسف بن عبد الله الحلواني ، أنبأنا عثمان بن الهيثم المؤذن قال : قيل لحبيب أبي محمّد : يا أبا محمّد ما لك لا تضحك ولا تجالس الناس ولا نراك أبدا إلّا محزونا؟ فقال : أحزنني شيئان ، قلنا : وما هما؟ قال : وقت أوضع في لحدي فينصرف الناس عني فأبقى تحت الثرى وحدي مرتهنا بعملي ، والآخر يوم القيامة إذا انصرف الناس عن حوض محمّد 6 فإنه بلغني أن الرّجل في عرصة القيامة فيقول له شربت من حوض محمّد 6؟ فيقول له : لا ، فنقول وا حسرتاه فأيّ حسرة أشدّ من هذا ، انتهى.