واستعطفوه وذكروا وجد من ورائهم به ، فأبى وحلف أن لا يصحبهم ، فقال حارثة ـ زاد الفقيه : يا بني ، وقالا : ـ أما أنا فإني مؤنسك بنفسي ، فآمن حارثة وأبى الباقون ، فرجعوا إلى البرّية ، ثم ان أخاه جبلة رجع فآمن بالنبي 6 وأول لواء عقده النبي 6 إلى الشام لزيد ، وأول شهيد كان بمؤتة زيد وثانية جعفر الطيّار ، وآخر لواء عقده بيده لأسامة على اثني عشر ألفا من الناس فيهم عمر ـ وقال الفقيه : فيهم أبو بكر وعمر ـ فقال : إلى أين يا رسول؟ قال : «عليك بابني [١] فصبّحها صباحا ، فقطّع وحرّق وضع سيفك وخذ بثأر أبيك». واعتلّ النبي 6 فبعث إلى أسامة فقال : «جهزوا جيش أسامة ، أنفذوا جيش أسامة» ، فجهّز إلى أن صار إلى الجرف [٢] ، واشتدّت علّة النبي 6 فبعث إلى أسامة أن النبي 6 يريدك ، فرفع يديه فدخل على النبي 6 وقد أغمي عليه ، ثم أفاق 6 فنظر إلى أسامة فأقبل فرفع يديه إلى السماء ويفرغها ـ وقال عبد الكريم : ثم يفرغها ـ عليه ، قالوا : فعرفنا أنه إنما يدعو له ، ثم قبض 6 فكان فيمن غسّله الفضل بن عبّاس ، وعليّ بن أبي طالب وأسامة يصبّ عليه الماء ، فلما دفن 7 ، قال عمر لأبي بكر : ما ترى في لواء أسامة؟ قال : ما أحلّ عقدا عقده النبي 6 ، ولا يحل من عسكره رجل إلّا أن تكون أنت ـ زاد الفقيه : يا عمر ، وقالا : ـ لو لا حاجتي إلى مشورتك ما حللتك من عسكره. يا أسامة عليك بالمياه ـ يعني البوادي ـ وكان يمر بالبوادي فينظرون إلى جيش رسول الله 6 فثبتوا على أديانهم إلى أن صار إلى عشيرته كلب فكانت تحت لوائه إلى أن قدم الشام على معاوية ، فقال له معاوية : اختر لك منزلا ، فاختار المزّة [٣] واقتطع فيها هو وعشيرته ، وقد قال الشاعر وهو أعور كلب :

[١] أبنى موضع بالشام من جهة البلقاء (معجم البلدان).

[٢] الجرف موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام (معجم البلدان).

[٣] المزة قرية كبيرة غناء في وسط بساتين دمشق ، بينهما نصف فرسخ (معجم البلدان).