responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 336
هذا الماء من عينيك على أن تبقى خمسة أيام ولا تُصَلِّي إِلَّا عَلَى عُودٍ، وَفِي رِوَايَةٍ إِلَّا مُسْتَلْقِيًا، فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ وَلَا رَكْعَةً وَاحِدَةً، إِنَّهُ مَنْ تَرَكَ صَلَاةً وَاحِدَةً مُتَعَمِّدًا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ.
وَقَدْ أَنْشَدَ الْمَدَائِنِيُّ لِابْنِ عَبَّاسٍ حِينَ عَمِيَ: إِنْ يَأْخُذِ اللَّهُ مِنْ عَيْنَيَّ نُورَهُمَا * فَفِي لِسَانِي وَسَمْعِي مِنْهُمَا نُورُ قَلْبِي ذكيٌّ وَعَقْلِي غَيْرُ ذِي دخلٍ * وَفِي فَمِي صارمٌ كَالسَّيْفِ مَأْثُورُ وَلَمَّا وَقَعَ الْخُلْفُ بَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَبَيْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بن مروان اعتزل ابن عباس ومحمد بن الْحَنَفِيَّةِ النَّاسَ، فَدَعَاهُمَا ابْنُ الزُّبَيْرِ لِيُبَايِعَاهُ فَأَبَيَا عَلَيْهِ، وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: لَا نُبَايِعُكَ وَلَا نُخَالِفُكَ، فَهَمَّ بِهِمَا فَبَعَثَا أَبَا الطُّفَيْلِ عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ فَاسْتَنْجَدَ لَهُمَا مِنَ الْعِرَاقِ مِنْ شِيعَتِهِمَا.
فَقَدِمَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَكَبَّرُوا بِمَكَّةَ تَكْبِيرَةً واحدة، وهموا بابن الزبير فهرب فتعلق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ: أَنَا عَائِذٌ بِاللَّهِ، فَكَفُّوهُمْ عَنْهُ، ثُمَّ مَالُوا إِلَى ابْنِ عبَّاس وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَقَدْ حَمَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ حَوْلَ دُورِهِمُ الْحَطَبَ لِيَحْرِقَهُمْ، فَخَرَجُوا بِهِمَا حَتَّى نَزَلُوا الطَّائِفَ، وَأَقَامَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَنَتَيْنِ لَمْ يُبَايِعْ أَحَدًا كَمَا تَقَدَّمَ.
فَلَمَّا كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وستين توفي ابن عباس بالطائف، وصلى عليه محمد بن الحنفية، فَلَمَّا وَضَعُوهُ لِيُدْخِلُوهُ فِي قَبْرِهِ جَاءَ طَائِرٌ أَبْيَضُ لَمْ يُرَ مِثْلُ خِلْقَتِهِ، فَدَخَلَ فِي أكفانه والتف بها حتى دفن معه.
قال عفان: وكانوا يرون علمه وعمله، فَلَمَّا وُضِعَ فِي اللَّحْدِ تَلَا تالٍ لَا يُعْرَفُ مَنْ هُوَ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُمْ سَمِعُوا مِنْ قَبْرِهِ: * (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي
وَادْخُلِي جَنَّتِي) * [الفجر: 28] هَذَا الْقَوْلُ فِي وَفَاتِهِ هُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْوَاقِدِيُّ وَابْنُ عساكر، وهو المشهور عند الحافظ، وقيل إنه توفي في سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ سَنَةَ تِسْعٍ وستين، وقيل سنة سبعين.
والأول أصح، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا شَاذَّةٌ غَرِيبَةٌ مَرْدُودَةٌ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
وَكَانَ عُمْرُهُ يَوْمَ مَاتَ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَقِيلَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ أربع وَسَبْعِينَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
صِفَةُ ابْنِ عبَّاس كان جسيماً إذا جلس يَأْخُذُ مَكَانَ رَجُلَيْنِ، جَمِيلًا لَهُ وَفْرَةٌ، قَدْ شَابَ مُقَدَّمُ رَأْسِهِ، وَشَابَتْ لِمَّتُهُ، وَكَانَ يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ وَقِيلَ بِالسَّوَادِ، حَسَنَ الْوَجْهِ يَلْبَسُ حَسَنًا وَيُكْثِرُ مِنَ الطِّيبِ بِحَيْثُ إِنَّهُ كَانَ إِذَا مر في الطريق يقول النِّسَاءُ هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَوْ رَجُلٌ مَعَهُ مسك، وكان وسيماً أبيض طويلاً جسيماً فَصِيحًا، وَلَمَّا عَمِيَ اعْتَرَى لَوْنَهُ صُفْرَةٌ يَسِيرَةٌ.
وَقَدْ كَانَ بَنُو الْعَبَّاسِ عَشَرَةً، وَهُمُ الْفَضْلُ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَمَعْبَدٌ، وَقُثَمُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَكَثِيرٌ، وَالْحَارِثُ، وَعَوْنٌ، وَتَمَّامٌ.
وَكَانَ أَصْغَرَهُمْ تمام، ولهذا كان يحمله ويقول:
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 8  صفحه : 336
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست