responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 345
الصِّديق نَفَرَتْ وَذَهَبَتْ كُلَّ مَذْهَبٍ، فَلَمْ يَمْلِكُوا من أمرها شيئاً إلى اللَّيل، وحتى رَجَعَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ الْخُطَيْلُ بْنُ أَوْسٍ: فِدًى لِبني ذُبْيَانَ رَحلي وَنَاقَتي * عَشِيةَ يحدَى بالرِّماحِ أَبُو بَكرِ وَلَكنْ يُدَهْدَى بالرِّجالِ فَهَبْنَهُ * إِلَى قَدَرِ مَا إِنْ تقيمُ وَلا تَسرِي وللهِ أجنادٌ تذاقُ مَذاقَهُ * لِتُحْسَبَ فِيمَا عُدَّ مِنْ عَجَبِ الدَّهرِ أَطَعْنَا رَسُولَ اللهِ مَا كانَ بينَنَا * فَيالعِبادِ اللهِ مَا لِأَبِي بَكْرِ فَلَمَّا وَقَعَ مَا وَقَعَ ظنَّ الْقَوْمُ بِالْمُسْلِمِينَ الْوَهَنَ، وَبَعَثُوا إِلَى عَشَائِرِهِمْ مِنْ نَوَاحِي أَخَرَ، فَاجْتَمَعُوا، وَبَاتَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قائما ليله يُعَبِّئُ النَّاس، ثمَّ خَرَجَ عَلَى تَعْبِئَةٍ مِنْ آخَرِ اللَّيل، وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ أَخُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُقَرِّنٍ، وَعَلَى السَّاقة أَخُوهُمَا
سُوَيْدُ بْنُ مُقَرِّنٍ، فَمَا طَلَعَ الْفَجْرُ إِلَّا وَهُمْ وَالْعَدُوُّ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَمَا سَمِعُوا لِلْمُسْلِمِينَ حِسًّا وَلَا هَمْسًا، حَتَّى وَضَعُوا فِيهِمُ السُّيوف، فَمَا طَلَعَتِ الشَّمس حتَّى ولُّوهم الْأَدْبَارَ، وَغَلَبُوهُمْ عَلَى عَامَّةِ ظَهْرِهِمْ، وَقُتِلَ حِبَالٌ، وَاتَّبَعَهُمْ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى نَزَلَ بِذِي القصَّة، وَكَانَ أوَّل الْفَتْحِ، وذلَّ بِهَا الْمُشْرِكُونَ، وعزَّ بِهَا الْمُسْلِمُونَ، وَوَثَبَ بَنُو ذُبْيَانَ وَعَبْسٌ عَلَى مَنْ فِيهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَتَلُوهُمْ، وَفَعَلَ مَنْ وَرَاءَهُمْ كَفِعْلِهِمْ، فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ ليقتلنَّ من كُلِّ قَبِيلَةٍ بِمَنْ قَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَزِيَادَةً، فَفِي ذَلِكَ يَقُولُ زِيَادُ بْنُ حَنْظَلَةَ التَّميميّ: غَداةَ سَعى أَبو بكرٍ إليهمُ * كمَا يَسعَى لموتَتِهِ حلالُ أَراحَ عَلَى نَواهِقِهَا عَلِيَّاً * ومَجَّ لهنَّ مُهْجَتَهُ حَبَالُ وَقَالَ أَيْضًا: أَقَمْنَا لهمْ عَرضَ الشَّمالِ فَكَبْكِبُوا * كَكَبْكَبَةِ الغُزَى أَنَاخُوا عَلى الوَفُرِ فَمَا صَبرُوا لِلْحَرْبِ عِنْدَ قِيامِهَا * صَبيحَةَ يَسمُو بالرِّجالِ أَبُو بَكرِ طَرَقْنَا بَنِي عبسٍ بِأَدْنَى نِبَاجِها * وَذُبيانَ نَهْنَهْنَا بِقَاصِمَةِ الظَّهرِ فَكَانَتْ هَذِهِ الْوَقْعَةُ مِنْ أَكْبَرِ الْعَوْنِ عَلَى نَصْرِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَذَلِكَ أنَّه عزَّ الْمُسْلِمُونَ فِي كُلِّ قَبِيلَةٍ، وذلَّ الكفَّار فِي كُلِّ قَبِيلَةٍ، وَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الْمَدِينَةِ، مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا، سَالِمًا غَانِمًا، وَطَرَقَتِ الْمَدِينَةُ فِي اللَّيل صَدَقَاتُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ [1] ، وَصَفْوَانَ والزَّبرقان، إِحْدَاهَا فِي أوَّل اللَّيل، والثَّانية فِي أَوْسَطِهِ والثَّالثة فِي آخِرِهِ، وَقَدِمَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ منهنَّ بَشِيرٌ مِنْ أُمَرَاءِ الْأَنْقَابِ، فَكَانَ الَّذِي بشَّر بِصَفْوَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وقَّاص، وَالَّذِي بشَّر بالزَّبرقان عَبْدُ الرَّحمن بْنُ عَوْفٍ، وَالَّذِي بشَّر بِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَيُقَالُ: أَبُو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه * وذلك على رأس

[1] في ذلك قال الحارث بن مالك الطائي: وفينا وفاء لم ير الناس مثله * وسربلنا مجدا عدي بن حاتم (*)
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 345
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست