responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 179
أَنَّهَا كُلَّهَا مُبَدَّلَةٌ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا حَرْفٌ إِلَّا بِدَّلُوهُ فَهَذَا بعيد، وكذا من قال لم يبدل شئ مِنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ بَعِيدٌ أَيْضًا، وَالْحَقُّ أَنَّهُ دَخَلَهَا تَبْدِيلٌ وَتَغْيِيرٌ وَتَصَرَّفُوا فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهَا بِالزِّيَادَةِ
وَالنَّقْصِ، كَمَا تَصَرَّفُوا فِي مَعَانِيهَا وَهَذَا مَعْلُومٌ عِنْدَ التَّأَمُّلِ وَلِبَسْطِهِ مَوْضِعٌ آخَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
كما في قوله فِي قِصَّةِ الذَّبِيحِ: اذْبَحِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ وَفِي نُسْخَةٍ بِكْرَكَ إِسْحَاقُ.
فَلَفْظَةُ إِسْحَاقَ مُقْحَمَةٌ مَزِيدَةٌ بِلَا مِرْيَةٍ.
لِأَنَّ الْوَحِيدَ وَهُوَ الْبِكْرُ إِسْمَاعِيلُ لِأَنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ إِسْحَاقَ بِأَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَكَيْفَ يَكُونُ الْوَحِيدُ الْبِكْرَ إِسْحَاقُ.
وَإِنَّمَا حَمَلَهُمْ على ذلك حسد العرب أن يكون إسماعيل غير الذَّبِيحُ، فَأَرَادُوا أَنْ يَذْهَبُوا بِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ لَهُمْ، فَزَادُوا ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ افْتِرَاءً عَلَى الله وعلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ اغْتَرَّ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ وَوَافَقُوهُمْ عَلَى أَنَّ الذَّبِيحَ إِسْحَاقُ وَالصَّحِيحُ الذَّبِيحَ إِسْمَاعِيلُ كَمَا قَدَّمْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَهَكَذَا فِي تَوْرَاةِ السَّامِرَةِ فِي الْعَشْرِ الْكَلِمَاتِ زِيَادَةُ الْأَمْرِ بِالتَّوَجُّهِ إِلَى الطُّورِ فِي الصَّلَاةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي سَائِرِ نُسَخِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.
وَهَكَذَا يُوجَدُ فِي الزَّبُورِ الْمَأْثُورِ عَنْ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُخْتَلِفًا كَثِيرًا وَفِيهِ أَشْيَاءُ مَزِيدَةٌ مُلْحَقَةٌ فِيهِ وَلَيْسَتْ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قُلْتُ وَأَمَّا مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ التَّوْرَاةِ الْمُعَرَّبَةِ فَلَا يَشُكُّ عَاقِلٌ فِي تَبْدِيلِهَا وَتَحْرِيفِ كَثِيرٍ مِنْ أَلْفَاظِهَا وَتَغْيِيرِ الْقَصَصِ وَالْأَلْفَاظِ وَالزِّيَادَاتِ وَالنَّقْصِ الْبَيِّنِ الْوَاضِحِ وفيها من الكذب البين والخطأ الفاحش شئ كَثِيرٌ جِدًّا فَأَمَّا مَا يَتْلُونَهُ بِلِسَانِهِمْ وَيَكْتُبُونَهُ بِأَقْلَامِهِمْ فَلَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ وَالْمَظْنُونُ بِهِمْ أَنَّهُمْ كَذَبَةُ خَوَنَةٌ يُكْثِرُونَ الْفِرْيَةَ عَلَى اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَكُتُبِهِ.
وَأَمَّا النَّصَارَى فَأَنَاجِيلُهُمُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ طريق مُرْقُسٍ وَلُوقَا وَمَتَّى وَيُوحَنَّا أَشَدُّ اخْتِلَافًا وَأَكْثَرُ زِيَادَةً وَنَقْصًا وَأَفْحَشُ تَفَاوُتًا مِنَ التَّوْرَاةِ وَقَدْ خَالَفُوا أَحْكَامَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فِي غَيْرِ مَا شئ قَدْ شَرَعُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ فَمِنْ ذَلِكَ صَلَاتُهُمْ إِلَى الشَّرْقِ وَلَيْسَتْ مَنْصُوصًا عَلَيْهَا وَلَا مَأْمُورًا بِهَا في شئ مِنَ الْأَنَاجِيلِ الْأَرْبَعَةِ وَهَكَذَا تَصْوِيرُهُمْ كَنَائِسَهُمْ وَتَرْكُهُمُ الْخِتَانَ وَنَقْلُهُمْ صِيَامَهُمْ إِلَى زَمَنِ الرَّبِيعِ وَزِيَادَتُهُ إِلَى خَمْسِينَ يَوْمًا وَأَكَلُهُمُ الْخِنْزِيرَ وَوَضْعُهُمُ الْأَمَانَةَ الكبيرة وإنما هي الخيانة الْحَقِيرَةُ وَالرَّهْبَانِيَّةُ [1] وَهِيَ تَرْكُ التَّزْوِيجِ لِمَنْ أَرَادَ التعبد وتحريمه عليه

[1] قال صلَّى الله عليه وسلم: لا رهبانية في الإسلام.
وقال صلَّى الله عليه وسلم: أن لانفسكم عليكم حقا فصوموا وافطروا وقوموا وناموا ; فإني أقوم وأنام وأصوم وأفطر.
وآتي النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني.
قَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم.
) ، في الآية وكلام النبي صلى الله عليه وسلَّم نهى عن
الرهبانية.
قال الرازي في تفسيره: الحكمة في نهي الله تعالى عن الرهبانية فيها وجوه: - أن الرهبانية المفرطة والاحتراز التام عن الطيبات واللذات مما يوقع الضعف في الاعضاء الرئيسة التي هي القلب والدماغ، فتختل الفكرة وتشوش العقل.
وأن أكمل السعادات إنما هو معرفة الله تعالى: فَإِذَا كانت الرهبانية الشديدة مما يوقع الخلل في ذلك بالطريق الذي بيناه لا جرم وقع النهي عنها.
[*]
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 2  صفحه : 179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست